«لقد فعلناها جو!» بنبرة واثقة تملؤها السعادة الغامرة، استقبلت كامالا هاريس وهي بملابس الرياضة خبر فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية للعام 2020 وهي تتحدث معه عبر الهاتف. الديموقراطيون كانوا يحلمون منذ عقود الدفع بسيدة إلى منصب الرئاسة الذي يحتكره الرجال وكادت مرشحتهم السابقة هيلاري كلينتون تقتنص الفرصة، إلا أن الحظ لم يحالفها وهزمها ترمب بالضربة القاضية. ومع ذلك لم يتوقفوا عن مطاردة حلمهم. ونجح الرهان أخيراً حيث اختار بابدن؛ السناتور كامالا هاريس لتكون نائبة له لتصلح في أعلى منصب تبوأته امرأة في البلاد منذ 244 سنة. عندما اختار صناع القرار في الحزب الديموقراطي هاريس لمنصب نائب الرئيس؛ فإنهم وضعوا في الاعتبار كبر سن بايدن كونهم متيقنين أنه لن يحصل على فترة رئاسية ثانية ومع وجود كامالا نائبة له، وبالتالي سيتم ترشيحها لمنصب الرئاسة في انتخابات 2025 وقد تدخل التاريخ كأول امرأة وأول أمريكية سمراء تدخل البيت الأبيض كرئيسة.. وفي ظل اضطرابات اجتماعية وسياسية وأعمال عنف غير مسبوقة تشهدها الولاياتالمتحدة منذ شهور بسبب انعكاسات الانتخابات واقتحام الكونغرس ووحشية الشرطة ضد الأمريكيين السود، اضطر بايدن لاختيار امرأة غير بيضاء لمنصب نائب الرئيس من أصول آسيوية.. واحتضن الديموقراطيون هاريس لأنهم رأوا فيها انعكاساً لأنفسهم، حزب تدعمه النساء، ولاسيما النساء ذوات البشرة السمراء. ورغم تمتع هاريس بكاريزما وخفة ظل، لكن يمكنها التخلي بسرعة عن ابتسامتها العريضة لتعود إلى شخصية المدعية العامة في الاستجواب المستمر والردود القاسية والصارمة. وتتمتع هاريس بفهم عال للتشريعات ولديها إدراك عميق في صنع السياسات واستقطاب الأقليات. وبقوة الدستور فإنه إذا ما طرأ للرئيس عارض صحي، أو قانوني يمنعه من تولي مهامه فإن هاريس تنتقل بشكل لمنصب الرئيس ومن غير المستبعد أن تكون الشخصية السادسة عشرة في قائمة من صعدوا من ظل الرئيس إلى المكتب البيضاوي. وإذا اطلعنا على قائمة نواب الرئيس بعد الحرب العالمية الثانية، الذين صعدوا للموقع الأول، فإنها تضم رئاسات فوق العادة، ك«هارى ترومان»، و«ليندون جونسون»، و«ريتشارد نيكسون»، و«جيرالد فورد»، و«جورج بوش» الأب.. لقد وصفت مجلة «نيوزويك» كامالا هاريس بأنها «الأكثر ليبرالية في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2019، وهي أكثر ليبرالية من بيرني ساندرز» الاشتراكي. ووصف عضو مجلس الشيوخ، الجمهوري المناصر لترمب، ليندسي غراهام، هاريس بأنها «صلبة، ذكية، وصارمة».. وتنتمي هاريس للفئة السياسية التي تحمل آراء يسار الوسط بشكل وثيق وتعتبر أول مدعية عامة سوداء لولاية كاليفورنيا، وأول امرأة في هذا المنصب وأول امرأة من أصول جامايكية هندية تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي. وخلال مناظرتها الوحيدة ضد نائب الرئيس مايك بنس، رفعت هاريس يدها عندما حاول مقاطعتها قائلة بحزم «السيد نائب الرئيس، أنا أتكلم، أنا أتكلم»، ما أجبره على السكوت. ويؤكد مراقبون أن هاريس نائبة الرئيس ستكون لديها صلاحيات استثنائية، وهو أمر غير معهود في تاريخ الولاياتالمتحدة، حيث يبقى النائب دائماً رجل الظل. أو كما تصفه مجلة فورين بوليسي «العضو النائم في الفريق الرئاسي، أهم واجباته حضور الجنائز». هاريس ستكون مرشحة الرئاسة لعام 2025.. الرئيس الظل.. الابتسامة تخفي الصرامة.