لا شك أن وسائل الإعلام والاتصال تستأثر باهتمام جماهيري أكبر عند مواجهة الأزمات، فما بالك بأزمة جائحة كورونا (كوفيد-19)، التي تتطلب تقليص عملية التواصل عن قرب بين أفراد ومؤسسات المجتمع، وبالتالي يتضاعف دور الإعلام وتأثيره كمصدر أساس في الحصول على الأخبار والمعلومات حول الأزمة ومتابعة تطوراتها وتشكيل اتجاهات الجمهور نحوها وكيفية إدارتها، بالإضافة إلى تقديمها إحدى أهم الوظائف الإعلامية المتمثلة بالترفيه. وتشير العديد من الأبحاث الإعلامية الحديثة، إلى أن غالبية زوّار المواقع الإخبارية والمنصات الرقمية للصحف ووسائل الإعلام أثناء أزمة كورونا، جاءت عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ورغم أن وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية للصحف شهدت ارتفاعا في نسبة المتابعة بشكل ملحوظ خلال منع التجول والحجر الصحي المنزلي، إلا أن الكثير منها واجهت صعوبات خانقة بسبب توقف الإعلان والموارد؛ ما أدى إلى انهيار بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة، مقابل صمود الإعلام الحكومي الذي يعد أهم المصادر الموثوقة. وبلا شك فإن المحتوى ومدى الحاجة له، يبقى هو المعيار الأساس للنجاح. وقد تمثلت أبرز التأثيرات على أداء المؤسسات الإعلامية خلال الأزمة، في تزايد العمل الإعلامي عن بُعد، وبروز صحافة البيانات واستخدام الانفوجرافيك، والتركيز أكثر على المحتوى الموجه للمجتمع المحلي، إلى جانب تصاعد الاهتمام بالأخبار والأفلام والدراما، بعد أن أشارت أحدث الإحصائيات إلى زيادة عدد المشتركين في شبكة نتفليكس خلال الربع الأول من عام 2020 لأكثر من 16 مليونا، وتحقيق موقع شاهد نت خلال 26 أسبوعا ما لم يحققه في سنوات بإطلاقه شاهد بلس في يناير 2020، بالإضافة إلى نجاح تطبيقات مثل تيك توك كأحد أهم وسائل الترفيه أثناء جائحة كورونا. وكذلك تطبيق زوم باستخداماته المتعددة في المحاضرات والندوات وغيرها، الذي حقق إيرادات هائلة خلال بضعة أشهر تجاوزت 355%. وفي دراسة استطلاعية قام بها الباحث لمعرفة مصادر المعلومات الصحية والترفيهية لعينة من المجتمع السعودي أثناء فترة منع التجول بسبب جائحة كورونا (كوفيد-19)، وتحديدا في شهر شعبان 1441ه، الموافق أبريل 2020م. توصّلت أبرز النتائج المتعلقة بأهم مصادر المعلومات الصحية لدى المجتمع السعودي أثناء الحجر المنزلي، إلى تصدر تويتر قائمة الترتيب بنسبة بلغت (19.9%)، يليه قنوات التليفزيون السعودية (17.9%)، ويبدو أن المؤتمر الصحفي اليومي لوزارة الصحة ساهم في زيادة المتابعة المحلية للقنوات السعودية، خصوصا أن المؤتمر تميز بالسرعة والاستدامة والشفافية، وتوسعت دائرة معلوماته لتشمل وزارات: الداخلية والتعليم والتجارة وغيرها. ومع أنه ينصح أثناء الأزمات بتجنب المؤتمرات الصحفية لتفادي الأسئلة المحرجة، إلا أن المؤتمر الصحفي أثبت العكس. وجاءت وكالة الأنباء السعودية التي تعد المصدر الأول للأخبار الرسمية في المرتبة الثالثة (13.7%)، ورابعا سناب شات (8.2%)، ف الواتساب خامسا (8.1%)، وفي المرتبة السادسة حلت قنوات التليفزيون العربية بنسبة (6.3%)، تليها الصحف السعودية سابعا (5.5%)، ثم الاتصال الشخصي بالمرتبة الثامنة (4.6%)، ومن المؤكد أن الالتزام بالتباعد الاجتماعي أدى إلى تراجع ترتيبه. كما جاء في مرتبة متأخرة استشارة الطبيب وتحديدا في المرتبة التاسعة بنسبة بلغت (3.7%)، وقد يكون ذلك بسبب قرار حظر مراجعة المستشفيات والمراكز الصحية إلا للضرورة القصوى، وتوفر تطبيقات بديلة، بالإضافة إلى المعلومات التوعوية والإرشادية التي أتاحتها وزارة الصحة عبر العديد من الوسائل. وفيما يخص المصادر المفضلة لدى عينة المجتمع السعودي في الحصول على الترفيه وقضاء وقت الفراغ أثناء منع التجول، تصدرها تويتر بنسبة (15%)، يليه سناب شات (14%)، وجاء ثالثا الواتساب (13.5%)، ورابعا اليوتيوب بنسبة (10.4%)، بينما الإنستغرام في المرتبة الخامسة (9.1%)، وسادسا مشاهدة قنوات التليفزيون العربية (7.9%)، ونتفليكس في المرتبة السابعة بنسبة (7.4%). ويلاحظ أن مصادر الإعلام الرقمية حازت على المراتب ال 5 الأوائل، كما يلاحظ أن تطبيق تويتر عبر (الحسابات الرسمية والفردية) تصدر قائمة ترتيب المصادر الصحية وكذلك المصادر الترفيهية للمجتمع السعودي أثناء الحجر الصحي، مما يشير بالإجمال إلى تفوق شبكات التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام التقليدية، حيث ساهم الإعلام الرقمي بشكل كبير في تقديم الأخبار والمعلومات الصحية والترفيهية خلال الأزمة، والحد من العزلة أثناء منع التجول والحجر الصحي المنزلي. وهنا لا بد من التأكيد على أن توفر البنية التحتية الرقمية والكفاءات البشرية التقنية المتميزة؛ ساهم في إنتاج تطبيقات وحلول تقنية عاجلة وناجعة في الوفاء بالاحتياجات اللازمة من غذاء ودواء وحتى تسوق، بالإضافة إلى عملية تفعيل الإجراءات الأمنية والصحية عن بعد. وفي السياق نفسه أظهرت نتائج أهم خيارات أفراد عينة المجتمع السعودي في الترفيه وقضاء وقت الفراغ أثناء فترة حظر التجول، عن تصدر الأفلام بنسبة بلغت (22.1%)، تليها المسلسلات (15.5%)، وهي نتيجة تؤكد تفوق كل من شبكة نتفليكس، وبعض القنوات العربية بتطبيقاتها مثل موقع شاهد بلس في جذب اهتمام الجمهور السعودي. بينما جاء في المرتبة الثالثة ألعاب الكمبيوتر والجوال بنسبة (12.3%)، في حين أن ممارسة الرياضة حلت رابعا (11.8%)، وألعاب التسلية في المرتبة الخامسة بنسبة (7.1%).