تداعيات اغتيال القيادي في الحرس الثوري الإيراني محسن فخري زاده لم تكن فقط على النظام الإيراني فحسب، بل على أجنحته ومليشياته الإرهابية في لبنان واليمن وسورية والعراق، خصوصا مع اعتراف وكالة مهر الإيرانية الرسمية بعلاقة زاده، الذي اغتيل الجمعة الماضية في طهران، بالمليشيات الطائفية الإرهابية في العراق وسورية واليمن، كتأكيد المؤكد، كون هذه المليشيات التابعة للنظام الإيراني تستخدم الصواريخ البالستية والأسلحة المتقدمة في حروبها بالوكالة في تلك الدول؛ خصوصا ما أوردته الوكالة أن إيران وحزب الله نجحا بتزويد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، عبر سورية، بصواريخ كروز وطائرات مسيرة نفاثة مزودة بقنابل عنقودية، وكذلك بالتكنولوجيا اللازمة لتصنيعها في غزة، وأن المسؤول الأول عن ذلك هو فخري زاده، وهذا يفسر تكثيف الغارات الإسرائيلية على سورية في الأشهر الأخيرة. ولفت تقرير نشرته مؤسسة «نيئمان» الإسرائيلية عن أن إيران، وبإشراف فخري زاده، نقلت تقدمها التكنولوجي إلى سورية واليمن وحزب الله والفصائل الفلسطينية، حتى لا تظل هذه المليشيا تحت الظروف المتغيرة التي قد تمنع تدفق الأسلحة لها من طهران. ويجيء الاستنفار الذي أعلنه «حزب الله» بعد اغتيال زاده من خلال إجراء تغييرات تكتيكية ولوجستية في جنوبلبنان؛ كخطوة استباقية لأي تحرك إيراني عسكري أو العكس وفق مقتضيات المرحلة كون المعركة أصبحت الآن في البيت الإيراني المبني من زجاج؛ وتؤكد ذلك زيارة قائد فيلق القدس الإرهابي إسماعيل قاني السرية للبنان، حسب ما كشفت صحيفة «لوريان لو جور» اللبنانية، ولقاؤه بأمين عام «حزب الله» الإرهابي حسن نصر الله، وطلب التهدئة والحفاظ على الواقع القائم وعدم إعطاء إسرائيل أي فرصة للتصعيد أو فتح المعركة، ولكن شرط الجهوزية الكاملة لأي احتمال. وانتقل قاني إلى بغداد، بحسب ما ذكره موقع العربية، والتقى قيادات الحشد الشعبي، وطلب منهم أيضاً الاستمرار في التهدئة ووقف العمليات ضد المصالح الأمريكية. ومن الواضح أن النظام الإيراني سيبتلع عملية اغتيال زاده كونه يرغب في الحصول على ما يسمى ب(هدية بايدن) التي تتمحور في العودة للاتفاق النووي الإيراني الذي انسحب منه ترمب.. ولكن بالمقابل اتخذ النظام الإيراني أول ردة فعل عندما اعتمد البرلمان «تسريع» برنامجها النووي، ما يزيد من مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في محطة فوردو النووية وبكمية 120 كيلوغراما سنويا، بما يتعارض مع الاتفاق النووي. وبحسب الخبراء، فإنه ليس أمام النظام الإيراني في هذه المرحلة إلا تصعيد البرنامج النووي كوسيلة لإظهار التحدي للعالم، على الرغم من أن أي زيادة في التخصيب تثير الشكوك في أن إيران يمكن أن تعمل على بناء قنبلة نووية. ولكن هذه الخطوة، كما يشير الخبراء، أفضل من عدد من البدائل التي من ضمنها: توجيه «حزب الله» في لبنان أو حماس في غزة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل، أو يمكن أن تجعل المليشيات في العراق تهاجم الوجود الأمريكي المتضائل هناك؛ وهذا ما يبدو أن طهران لا ترغب فيه للحصول على هدية بايدن الذي قال إنه يريد إعادة أمريكا إلى الاتفاق النووي الذي تخلى عنه ترمب. بالنسبة لإيران، قد يعني ذلك رفع العقوبات وتدفق مليارات الدولارات.. قاني يتخبط.. «حزب الله» يتحسب.. نظام قم يبلع لسانه.. «هدية بايدن».. أضغاث أحلام تنتظر خامنئي.