غابت الحركة على الطريق الرابط بيت الوسط بقصر بعبدا، إذ لم يسجل أي اتصال أو اجتماع حول الشأن الحكومي منذ اللقاء الأخير بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري قبل نحو 10 أيام. أما من اعتادوا نقل أو بث المعلومات والأجواء الإيجابية فيلتزمون الصمت المطبق، ما يدل على عمق الأزمة بين الرجلين. وجاءت زيارة البطريرك بشارة الراعي أمس (الأربعاء) إلى بعبدا «لتعمقها»، فقد أفاض الراعي في الحديث عن الملف الحكومي وبدا منحازا لوجهة نظر عون، منتقدا طريقة عمل الحريري بقوله: «إن الدستور ينص على أن الرئيس المكلف عليه مسؤولية التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة، فهو من يهيئ الحكومة، ومع رئيس الجمهورية يُنهيانها. وإن التأليف لا يتم بالتقسيط: قطعة اليوم، ثم بعدها قطعة، فقطعة في ما بعد. جميعنا سمعنا الذي حصل، وقوامه أن يا دولة الرئيس تعال بالحكومة التي تريد أن تؤلفها كاملة بكل أعضائها وفقا للدستور كي ندرسها معاً، وإذ ذاك يمكننا أن نصدر مراسيمها في يوم واحد.. لقد مر شهر والبلد يموت، ولا زلنا على سيرة: هنا لم يعطوني بعد أسماء، وأؤلئك لم يعطوني بعد أسماء.. ليس هكذا يتم تشكيل الحكومة، فليسمح لنا بها.. ليس مقبولا أن يمر شهر على التكليف ونحن لا زلنا في مكاننا ويخشى أن نعود إلى الوراء، لأن عدم التقدم هو تقهقر». لا شك أن الكل يعلم حتى الحريري نفسه أن تأليف الحكومة في هذه المرحلة ليست عملية سهلة، وأن التزام الجميع بالمبادرة الفرنسية مجرد شعارات، وأن العقد والأزمات حاضرة لعرقلة التشكيل، وآخرها ما صدر عن«الثنائي الشيعي» وحليفهما جبران باسيل (صهر عون) حول آلية وضع أسماء الوزراء، أي أنه من غير المقبول أن يختار الرئيس المكلف وحده أسماء الوزراء، أياً تكن طوائفهم. هذا داخلياً، أما خارجيا، فالحريري قبل أن ينصب نفسه منقذا للبلاد، كان يدرك جيدا جدية الموقفين العربي والدولي الرافضين لأي نقاش أو تعامل مع أي حكومة يشارك فيها «حزب الله» بشكل مباشر أو من تحت الطاولة. والأسئلة المشروعة بعد شهر من التسريبات حول مسار التأليف الذي وصل أخيرا إلى حائط مسدود هي: لماذا لا يقدم الرئيس المكلف تشكيلته لحكومة إنقاذية غير حزبية إلى عون وفقا لما ينص عليه الدستور ثم إلى الرأي العام وبالتالي يكون التزم الدستور من جهة وأرضى ضميره والشعب اللبناني من جهة ثانية؟ لماذا لا يفضح المعرقلين بدل أن يتحمل كل هذه الانتقادات ويتحمل وحده مسؤولية التأخير دون أن ينبس بكلمة؟ ماذا في جعبته حتى أنه ما زال متمسكاً بتأليف حكومة الكل يشك أنها ستكون إنقاذية؟ صمت الحريري دون رد على كل ما يحصل يجعلنا نثير شكوكا ونطرح السؤال الأخير: هل فعلاً قبل أن يمرر الوقت وفقا للسيناريو الذي تحدث به أحد أقطاب محور 8 آذار أن لا حكومة قبل تسلم جو بايدن مقاليد الحكم بشكل رسمي في العشرين من يناير القادم؟ ِ