أعلن الرئيس التنفيذي لشركة فايزر الدوائية العملاقة ألبرت بورلا، في مؤتمر نظمته صحيفة «نيويورك تايمز»، في واشنطن الثلاثاء، أن الشركة وصلت إلى مرحلة تأكيد مأمونية اللقاح الذي توصلت إلى ابتكاره بالتعاون مع شركة بيونتك الألمانية، وأنها تحضر أوراقها حالياً لتقديمها إلى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية للحصول على فسح اللقاح تحت بند الطوارئ. وكانت «فايزر» أعلنت الأسبوع الماضي أن لقاحها أثبت نجاعته بنسبة 90%. لكن بورلا أقرّ أيضاً بأن هناك عددا من الأسئلة لا تزال بلا إجابة، «طول الفترة الزمنية للمناعة التي يوفرها اللقاح... هذا شيء لم نعرفه بعد». وتعتبر مرحلة المأمونية Safety آخر العقبات التي يمكن أن يمر بها فسح أي لقاح ودواء. ويزداد الأمر تعقيداً حين نعلم أن لكل وكالة صحية في أمريكا، كهيئة الغذاء والدواء، ومراكز الحد من الأمراض ومكافحتها، ووزارة شؤون قدامى المحاربين، اشتراطاتها الخاصة بها في ما يتعلق بالمأمونية. فضلاً عن أن استعجال ابتكار اللقاح، الذي يستغرق عادة من 18 شهراً إلى 10 سنوات، يزيد عدد من سيرفضون التطعيم. وفي عام 1976 أصيب عدد من المتطوعين الذين تطعموا بلقاح انفلونزا الخنازير بمرض يؤدي إلى الشلل، على رغم أن ابتكار اللقاح استغرق وقتاً طويلاً. فما بالك بلقاح كوفيد-19 الذي سينزل الأسواق والمراكز الصحية اعتماداً على بيانات تتعلق بالمأمونية مدتها شهران فحسب؟ وذكر علماء أمريكيون أمس أنه على رغم اقتراب فسح لقاحي موديرنا وفايزر، إلا أن العالم بحاجة إلى مئات آلاف المتطوعين لتجربة اللقاحات الأخرى التي يجري تطويرها في بلدان العالم. وقالوا إن ذلك ضروري لأن تفشي الوباء المتسارع في أرجاء المعمورة يتطلب أكثر من لقاح لمليارات البشر. وفي الغالب، حتى إذا قررت الجهات الرقابية الأمريكية مأمونية اللقاحين المذكورين فسيتم تطعيم فئات قليلة محددة العدد، خشية حدوث ما لا تُحمد عقباه من جهة المأمونية. وحذر هؤلاء العلماء من أن اعتقاد الجمهور بأن لقاحي موديرنا وفايزر كافيان للقضاء على الجائحة سيجعلهم يُعرضون عن التطوع لتجربة اللقاحات الجديدة الأخرى. وبسبب عدم معرفة فترة الحصانة التي يوفرها اللقاحان الجديدان، لن يكون هناك مناص من استمرار الدراسات التي تعتمد على متابعة المتطوعين والمطعّمين. ويشير العلماء إلى أن لقاحي موديرنا وفايزر يقومان على إعطاء المتطوع جرعتين. وهي أيضاً مشكلة تزيد تعقيد مسألة المضاعفات الجانبية المحتملة، ومعرفة طول فترة المناعة المتأتية من اللقاحين. وبالطبع فإن من أهم مشكلالت اللقاحين الواعدين أنهما تم تطويرهما باستخدام تكنولوجيا مخبرية لم يسبق استخدامها في الحقل الطبي الخاص بصنع اللقاحات. وعلى رغم أن ميزة ذلك تتمثل في أنه لن يصاب من يخضع للتطعيم بهما بالفايروس مطلقاً؛ إلا أن حداثة التكنولوجيا المستخدمة تثير قدراً من المخاوف. ويشار بوجه خاص إلى أن تلك التكنولوجيا تخلق مشكلة خطيرة في الإنتاج، إذ لا تتوافر لدى صانعي اللقاحات التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة. ويعني ذلك أن موديرنا وفايزر لن تجدا سوى عدد محدود من مصانع اللقاحات القادرة على إنتاج كميات كبيرة من لقاحيهما. وعلى النقيض من ذلك، فإن اللقاح الذي طوره علماء جامعة أكسفورد، وتنتجه شركة أسترازينيكا للأدوية، يستخدم جُزيْئات فايروس نافق، أو ما يسمى «الفايروس البارد»، ليقوم بتحفيز جهاز المناعة في الإنسان للرد على أي محاولة هجومية من قبل الفايروس.