تعيش المملكة العربية السعودية أفراح الذكرى السادسة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وينظر السعوديون إلى المستقبل بتفاؤل، إذ يعد «الاقتصاد المزدهر» من أهم محاور رؤية السعودية 2030، والهادف إلى توفير بيئة تطلق إمكانات الأعمال وتوسّع القاعدة الاقتصادية وتوفر فرص عمل لجميع السعوديين، مستغلا الفرص المثمرة والتنافسية الجاذبة، وانطلاقا من مكامن القوة الاستثمارية في المملكة لأداء دورها الرياديّ، ولتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة؛ يحرص برنامج التحول الوطني من خلال منظومة وزارة التجارة على تأسيس بنية اقتصادية صلبة، وتطوير الأدوات الاستثمارية اللازمة لتحفيز الاستثمار في المملكة، إضافة إلى دعم روّاد ورائدات الأعمال وتنمية القدرات البشرية في المملكة. وتتمحور الجهود الوطنية للجهات المعنيّة في تطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتحسين بيئة الأعمال بما يسهم في استقطاب أفضل الاستثمارات النوعيَّة للمملكة. ودفعا لعجلة التنمية الاقتصادية، ساهم برنامج التحول الوطني في معالجة التحديات وتذليل العقبات نحو تحقيق الأهداف المنشودة في تعزيز الممكنات الاقتصادية الوطنية، إذ تهدف منظومة وزارة التجارة من خلال مبادرات برنامج التحول الوطني إلى تسهيل ممارسة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتطوير قطاع التجزئة، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد. وانطلاقا من تلك الأهداف الطموحة، كان لا بد من إجراء عدة إصلاحات لتحسين بيئة الأعمال في المملكة، بما يُمكّن القطاع الخاص من المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية من خلال سن التشريعات وتطوير الأنظمة واللوائح اللازمة، وتدشين المراكز الوطنية المعنيّة بتحقيق تلك الأهداف، وتطوير منصات استثمارية لدعم مختلف القطاعات والنشاطات الاقتصادية. تطوير البيئة التنافسية ولتحقيق مستهدفات برنامج التحول الوطني الرامية إلى تعزيز الممكنات الاقتصادية، أُطلق المركز الوطني للتنافسية لتطوير البيئة التنافسية في المملكة وتحسينها، والارتقاء بترتيبها في المؤشرات والتقارير العالمية ذات العلاقة، إذ يسعى المركز إلى تحقيق أهدافه من خلال دراسة المعوِّقات والتحديات التي تواجه القطاعين العام والخاص وتحديدها وتحليلها، واقتراح الحلول والمبادرات والتوصيات ومتابعة تنفيذها، وذلك باتباع أفضل الأساليب والممارسات التي تؤدي إلى تعزيز تنافسية المملكة على الصعيدين المحلي والدولي، كما سعى المركز الوطني للتنافسية إلى إنجاز أكثر من 400 إصلاح لخدمة المستثمرين، مثل: أتمتة الإجراءات، وتطوير الأنظمة واللوائح والسياسات، وتمكين القطاع الخاص من المساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، ونتج عن تلك الإصلاحات تقدُّم مرتبة المملكة لتكون الأولى عالميا في إصلاحات بيئة الأعمال، وفقا «لتقرير ممارسة الأعمال 2020» الصادر عن البنك الدولي، إضافة إلى وصول المملكة إلى المرتبة (62) من أصل (190) دولة، متقدمة (30) مرتبة وفقا «لتقرير ممارسة الأعمال 2020»، إلى جانب مساهمة المركز في تقدُّم المملكة إلى المرتبة (36) من أصل (140) دولة، بتقدُّم (3) مراتب وفقا «لتقرير التنافسية العالمي 2019»، إضافة إلى تقدُّم ترتيب المملكة في إصلاحات الأنظمة واللوائح المرتبطة بتمكين المرأة بين (190) دولة، لتكون الأولى خليجيا والثانية عربيا، وفقا لتقرير «المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2020»، الصادر عن مجموعة البنك الدولي. وأخيرا، تحقيق المملكة للمرتبة (26) من بين (63) دولة الأكثر تنافسية عالميا، بتقدُّم (13) مرتبة وفقًا «لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2019». ولتطوير بيئة الأعمال في القطاع الخاص، أطلق برنامج التحول الوطني بقيادة وزارة التجارة مراكز الخدمة الشاملة (مِراس)، التي تُعد أحد برامج المركز السعودي للأعمال الاقتصادية. وذلك لتيسير إجراءات بدء الأعمال الاقتصادية ومزاولتها وتقديم جميع الخدمات والأعمال ذات الصلة بها، إذ تقدُّم منصة «مِراس» جميع خدمات الجهات الحكومية والقطاعات الخاصة لتسهيل بدء الأعمال التجارية وتأسيس الشركات إلكترونيا خلال ساعة واحدة فقط، وذلك من خلال تقديم التراخيص والخدمات الإلكترونية اللازمة لممارسة الأعمال بالربط مع الجهات الحكومية؛ ومنها (144) خدمة لبدء ممارسة النشاط التجاري، و(20) خدمة لإدارة أعمال النشاط التجاري، و(9) خدمات لإنهاء الأعمال التجارية. تجدر الإشارة إلى أن تلك الجهود ساهمت في تقدُّم المملكة ب(103) مراتب في تقرير ممارسة الأعمال، الصادر عن مجموعة البنك الدولي لمؤشر «بدء النشاط التجاري» من المرتبة (141) في عام 2018 إلى المرتبة (38) في عام 2019. سعيا لتحقيق مبادرات برنامج التحول الوطني في القضاء على التستر التجاري والحد من انتشار الغش التجاري، أطلقت وزارة التجارة البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، بالتعاون مع (11) جهة حكومية، منها: وزارة الداخلية، ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، والهيئة العامة للزكاة والدخل، ومؤسسة النقد العربي السعودي. يذكر أن البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري كان بدأ في رصد المخالفين للنظام من خلال (440) ألف جولة تفتيشية، نتج عنها إحالة أكثر من ألف حالة تستر تجاري خلال عام من إطلاق البرنامج، إذ يُعاقب مخالف النظام بالسجن مدة لا تزيد على عامين، وغرامة لا تتجاوز مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. وضمن جهود محاربة التستر التجاري، عملت وزارة التجارة على إلزام المتاجر ومنافذ البيع بتوفير وسائل الدفع الإلكتروني لكافة أنشطة قطاع التجزئة، إضافةً إلى تطوير الأنظمة بما يتناسب مع الأوضاع الحالية للتستر التجاري، ورفع الوعي بممارسات ومخاطر التستر التجاري، وكذلك تقديم برامج تدريبية لتمكين المقبلين على تجارة التجزئة؛ سعياً لزيادة مساهمة المنشآت المتوسطة والصغيرة في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة. مكافحة الفساد ولجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وللترويج للمملكة كوجهة استثمارية، تم إطلاق مبادرة «استثمر في السعودية» كجزءٍ أساسي من برنامج التحوّل الوطني، لتكون علامةً وطنيةً تروّج للاستثمار في المملكة. إذ تُعد مبادرة «استثمر في السعودية» منصة للتواصل تخدم جميع الهيئات الحكومية، من حيث الترويج للمملكة كوجهة استثمارية بما يُساهم في تحقيق رؤية المملكة 2030. كما تعمل المبادرة على تعريف العالم بالفرص الاستثمارية الكبيرة المتوفرة في المملكة، وتعزيز سمعة بيئة الاستثمار فيها، إذ إن اقتصاد الوطن اليوم يزدهر، ويتوفر أمامنا بحر من الإمكانات غير المستغلّة التي يستطيع المستثمرون المحليون والأجانب اكتشافها. هذا، ويستمر نموّ السوق السعودية بعد إطلاق رؤية 2030، ما يفتح الباب أمام استثمارات عديدة مبتكرة تتوفر ضمن بيئة استثمار مستدامة. وتهدف مبادرة «استثمر في السعودية» إلى التأثير إيجابا في المستثمرين خلال رحلتهم الاستثمارية في المملكة العربية السعودية، مما ساهم في تحقيق المملكة لأكبر زيادة في عدد الاستثمارات الأجنبية في المملكة لعام 2019 خلال 10 أعوام، وذلك من خلال إصدار أكثر من ألف رخصة استثمارية في عام 2019، مما ساهم في ارتفاع عدد الاستثمارات الأجنبية الجديدة في المملكة بنسبة 54% خلال عام 2019 مقارنةً بعام 2018. استثمر في السعودية