مع اقتراب الثالث من نوفمبر -الموعد المحدد لإجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية- لا تزال استطلاعات الرأي تتحدث عن تقدم طفيف للمرشح الديمقراطي جو بايدن على نظيره الجمهوري دونالد ترمب. فهل يفعلها ترمب مجددا ويكسر هذه القاعدة كما حدث في انتخابات 2016 ضد هيلاري كلينتون؟ كسر استطلاعات الرأي ليس حكرا على المرشح الجمهوري، فقد حدث في أول انتخابات أمريكية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1948، عندما استبعدت تلك الاستطلاعات تماما فوز هاري ترومان، الذي تقلد منصب الرئيس منذ عام 1945 عقب وفاة فرانكلن روزفلت، وكانت المفاجأة الكبرى عندما كسر جميع التوقعات وفاز بفترة رئاسية ثانية. وعقب وفاة فرانكلن روزفلت في أبريل 1945، حصل نائبه هاري ترومان على صلاحيات الرئيس خلال فترة تاريخية صعبة، إلا أنه نجح في حسم الحرب ضد الألمان وأجبر اليابان على الاستسلام واستخدم القنبلة الذرية، وضم بلاده للأمم المتحدة. وفي انتخابات التجديد النصفي عام 1946، خسر الديمقراطيون أكثر من 50 مقعدا بمجلس النواب لتؤول الأغلبية للجمهوريين، وإزاء هذه النتائج الكارثية، فكر الديمقراطيون في إقصاء ترومان باعتبار أن الأمريكيين ملوا من السياسة القديمة ويسعون للقطيعة مع نظام الرئيس السابق فرانكلن روزفلت الذي حكم نحو 12 عاما. وعرض الحزب الديمقراطي في انتخابات 1948، بطاقة الترشح على الجنرال دوايت أيزنهاور الذي رفض ذلك، كما اعتذر لهم المسؤول بالمحكمة العليا وليام دوغلاس، فاضطر إلى الموافقة على ترشيح ترومان لمواجهة المرشح الجمهوري توماس ديوي. وقبيل انتخابات نوفمبر 1948، أعلنت الاستطلاعات تقدم المرشح الجمهوري ديوي بفارق شاسع قدّر بنحو 13%. وعنونت صحف عدّة مثل «نيويورك تايمز» معتبرة انتصار ديوي أمرا محسوما، ونشرت مجلة لايف صورة له على غلافها واصفة إياه بالرئيس التالي للولايات المتحدة. لكن ترومان رفض هذه النتائج المسبقة، وباشر حملته الانتخابية بقوة وإصرار ونجح في تحسين صورته ورفع شعبيته، ورغم ذلك تحدثت الاستطلاعات عن تقدم ديوي بنسبة 5%، وكذلك روجت وسائل الإعلام لفوز ديوي بفارق كبير. إلا أن المفاجأة المدوية أن النتائج النهائية أظهرت فوز ترومان وتقدمه بفارق مليوني صوت، وحصوله في المجمع الانتخابي على 303 أصوات بينما حصل منافسه توماس ديوي على 189 صوتا فقط، ليفوز ترومان بولاية رئاسية ثانية، ضاربا باستطلاعات الرأي عرض الحائط.. فهل يكررها ترمب؟