أؤمن فعلياً بوصف المؤرخ الاسكتلندي توماس كارليلا للإعلام بكونه «سلطة رابعة». نعم يشكل الإعلام سلطة رابعة، ويدخل هذا في سياقات متعددة لما للإعلام من دور مؤثر في إيصال المعلومة ودوره في التوعية في موضوعات متخصصة عديدة، بل حتى في تشكيل الرأي وتوجيهه، أيضاً يقوم الإعلام بتسليط الضوء على قضايا الشعب ومعاناتهم وفي المقابل إبراز جهود الجهات الرسمية. استطاعت أذرع الإعلام أيضاً بأشكالها المتعددة تنميط صورة المرأة والترويج لها بطريقة ساذجة، إذ تجعلها حبيسة معايير شكلية تركز على مظهر المرأة وطريقة مشاركتها بناءً على لون بشرتها ومقاس خصرها وطول شعرها وماهية الزينة التي تقوم باستخدامها! هذا النموذج السائد الذي لا يكف الإعلام عن ترويجه! لم تسلم منه الكثير من النساء اللاتي أعتبرهن ضحايا صورة نمطية انتقاصية حددتها ثقافة المجتمعات بمختلف مرجعياتها. ناقشت الروائية الأمريكية الأفريقية الأصل توني موريسون هذا الإشكال في أول رواية نشرتها «العيون الأكثر زرقةً» عام 1970، تدور أحداث الرواية حول فتاة أفريقية تدعى بيكولا ينظر لها باستمرار على أنها بشعة بسبب بشرتها الداكنة ونتيجةً لهذه المعاملة تشكلت لديها عقدة دونية جعلتها تتمنى أن تحصل على عيون زرقاء، تلفت الرواية إلى العلاقة بين المظهر الشكلي والشعور بالقيمة، حيث عزت الطفلة بيكولا معاملتها بهذه القسوة إلى كونها لا تملك بشرةً بيضاء! كما ناقشت الكاتبة السياسية والناشطة الأمريكية ناعومي وولف في كتابها «خرافة الجمال» هذا الإشكال بقولها، إن الفرضية الأساسية لخرافة الجمال هي أنه كلما زادت السلطة الاجتماعية ومكانة المرأة، زاد الضغط للتقيد بمعايير اجتماعية غير واقعية للجمال الجسدي، نتيجة التأثيرات التجارية على وسائل الإعلام، هذا الضغط يؤدي إلى اتخاذ النساء سلوكيات غير صحية وانشغالهن بالمظهر، مما يقلل قدرة المرأة على أن تصبح فعالة ومُتقبلة من المجتمع. أعتبر أن الكتابة عن هذا الجانب يشكل محاولة لإحداث معالجة اجتماعية تلامس ما تعانيه المرأة من ثقافة مجتمعية نمطية مسيطرة شئنا أم أبينا، هي مسؤولية الكاتبة كما عملت على ذلك أسماء نسائية عديدة، كما أن مسؤولية المشتغل في الإعلام مسؤولية المرأة نفسها بالرفض والتوعية ومحاولة كشف هذا العمى الثقافي الذي يحكم على المرأة من منطلق المظهر قبل أي شيءٍ آخر! هذه الخطابات التي تشكل هويتنا لا تخرج بشكل عفوي، بل إنها تنطلق من إستراتيجيات ثقافية تقوم بتنظيم رؤيتنا للعالم، فنحن نخدم هذه الخطابات ونعيشها ونعمل دون وعي للأسف لنجاحها. arwa_almohanna @