صاحب المعالي الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ سلمه الله وزير التعليم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعودنا من الجامعات أن تتسابق في التباهي بفعاليات وأنشطة احتفاء باليوم الوطني. وهذه بالطبع جهود تذكر وتشكر، ولو أن معظمها لم يختلف كثيرا عما تقوم به المدارس المتوسطة والثانوية. ولا يخفى على معاليكم ما للجامعات من مسؤولية عظمى في التنشئة الوطنية، وفي تعزيز روح الانتماء التي ستحفظ لنا بمشيئة الله ذلك المكتسب الذي أنجزه الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله الأبطال -تغمدهم الله بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته-. فقد أنجزوا أعظم وحدة عرفها العرب في تاريخهم المعاصر، وحدة ظلت ولله الحمد متماسكة لأكثر من تسعين عاما، ولم تهزها الرياح العاتية التي مرت على المنطقة العربية خلال العقود الماضية. ترتكز أهمية الجامعات في التنشئة الوطنية من كونها تحتضن قيادات المستقبل الواعد من أبناء وبناء الوطن، ممن سيتولون متابعة المسيرة التنموية. تحتضنهم في مرحلة عمرية حرجة من نموهم الفكري، حين تبدأ تتشكل الاتجاهات وقيم الثقافة السياسية ومشاعر الانتماء الوطني. شهد التعليم العالي خلال السنوات العشر الماضية تطورا كميا ملحوظا، حيث تجاوز عدد الجامعات الحكومية والأهلية ستين جامعة؛ غطت كل المناطق الإدارية وكثيرا من المحافظات الكبرى. فعلى الرغم ما لذلك من جوانب إيجابية في اتساع وزيادة القدرة الاستيعابية للتعليم الجامعي، إلا أنه قد تكون له آثار سلبية على مقومات الوحدة والاندماج الوطني في المستقبل المنظور. هناك اعتقاد خاطئ لدى كثير من مسؤولي القبول في الجامعات الحكومية بأن القبول في الجامعة مقصور على أبناء المنطقة، مما قد يتسبب في انعدام أو التقليل من فرص الالتقاء والتعارف بين أبناء الوطن من مختلف المناطق، وما يمكن أن يثمر من فرص للتواصل الثقافي بينهم في الجامعة، تواصل يتجاوز قاعات الدرس والمعامل ليشمل الأنشطة الثقافية والفعاليات الاجتماعية. وغني عن القول إن مثل هذا التواصل سيبني تجارب لا يستهان بها في تشكيل الوحدة والاندماج الوطني بين أبناء المملكة من مختلف المناطق. كانت لي ولمن هم من جيلي ممن جمعتنا مقاعد الدراسة في جامعات الملك سعود والملك عبدالعزيز والملك فهد فرصة شرف الالتقاء والتعرف وتكوين صداقات مع زملاء من كافة مناطق المملكة. لم تكن تلك الفرصة لتتحقق لولا أننا اضطررنا لأن ننتقل من مناطقنا ومدننا وقرانا للالتحاق بالجامعة. لعل معاليكم يعمل بالتنسيق بين الجامعات على تبني نظام يمنع قصر القبول في الجامعات على طلاب منطقة بعينها، ويضيف إلى معايير الاعتماد المؤسسي للجامعات ضرورة تحقيق نسبة لا تقل عن 25% من طلابها من خارج المنطقة. ويمكن للوزارة أن تتبنى مشروعا يعزز من قدرات وجهود الجامعات للوصول إلى هذه النسبة، ومن ذلك مثلا تعديل برنامج المنح الدراسية الداخلية بحيث يشمل طلاب الجامعات الحكومية القادمين من خارج المنطقة، وأن تمنح الوزارة مكافأة مجزية للطالب المتميز من خارج المنطقة، وهذا سيشجع الطلاب المتميزين للدراسة في جامعات خارج مناطقهم. ففي الوقت الذي نصرف مبالغ مجزية على برامج الابتعاث الخارجي، يجب أن يوازي ذلك برامج للمنح للابتعاث الداخلي. وتفضلوا معاليكم بقبول أطيب تحياتي كاتب سعودي IbrahimBeayeyz@