في يومها الوطني ال90 أضحت المملكة أكثر قدرة على مواجهة التحديات التراكمية والتعامل مع الأزمات الوبائية والاقتصادية والنفطية والسياسية بامتياز، خصوصا إذا نظرنا إلى تعدد الأزمات التي مرت بها المملكة خلال العام الحالي. والمملكة تحتفل باليوم الوطني في مرحلة تاريخية حساسة وظروف إقليمية وعربية وإسلامية وعالمية صعبة إلا أن المملكة قادرة على مواجهة الصعاب في محيط متلاطم الأمواج، فضلا عن انتشار الحروب المحيطة والمتلهبة في المنطقة مع محاولات النظامين الإيراني والتركي ابتلاع المنطقة وتحويلها لبؤر إرهابية طائفية وإخوانية. والمستجدات التي تشهدها المنطقة التي تتطلب إعادة التموضع وفق المصالح الأمنية العليا. واليوم الوطني هو اليوم الذي درجت الدول أن تحتفل به كيوم لاستقلالها، ولأن المملكة لم تستعمر، فإنها تحتفل بيوم تأسيسها، فهو اليوم الذي أعلن فيه الملك عبدالعزيز توحيدها في دولة حديثة تحمل اسم المملكة العربية السعودية، وذلك في 17 جمادى الأولى من عام 1351ه بمرسوم ملكي، التي تفتخر كونها بلدا لم تطؤه قدم محتل ولم يحكمه مستعمر قط، وكانت قبل التأسيس مناطق متناثرة وقبائل متناحرة حيث لا استقرار ولا أمان ولا دولة، ولكنها تحت قيادة الملك عبدالعزيز عرفت طعم الوحدة ورفلت في ثياب الأمن والاستقرار عقودا وعقودا. ظروف تاريخية تحل ذكرى اليوم الوطني في ظروف تاريخية غير معهودة، فالظروف الإقليمية والداخلية شكلت تغيرا نوعيا في السياسة السعودية، بدءا من تولي الملك سلمان للحكم وما تبعه من إجراءات إصلاحية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفق الرؤية 2030. وفي المسار السياسي تعاملت المملكة بحزم مع التهديدات الإيرانية وهو تحول استراتيجي في النهج السياسي السعودي تجاه قضايا المنطقة للحفاظ على أمنها واتباع سياسة الردع المباشر، أعاد قوة التأثير السعودية المباشرة في ملفات المنطقة. تحديات كبرى إن التحديات التي مرت بها المملكة بعد 90 سنة على تأسيسها تتمحور في عدة محددات؛ على رأسها الصراعات السياسية والعسكرية المتنامية في منطقة الشرق الأوسط، وخصوصا التدخل الإيراني الفاعل والعابث في الكثير من ملفات المنطقة، بدءا من سورية إلى العراق إلى اليمن ومحاولات العبث بأمن الخليج وهو الذي صدته المملكة بامتياز من خلال عاصفة الحزم. والمحدد الثاني هو نظام الإخوان الأردوغاني الذي يعمل على أخونة المنطقة وتحويلها إلى مستنقع إرهابي إخواني. دعم القضية الفلسطينية رغم بروز محاور معادية للمملكة إلا أن المملكة حرصت على دعم وتوحيد مواقف الأمة العربية والإسلامية، ورفض الفتن والانقسامات وإثارة النعرات واستخدام المليشيات المسلحة لغرض زعزعة أمن واستقرار المنطقة، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية، فكانت المملكة دائما صوت السلام وموئل التسامح والوسطية والاعتدال. كما لعبت المملكة دورا مهمًا في توحيد الصف العربي، وكانت العون والسند لكل قضايا الأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعدها القضية المركزية للعرب والمسلمين. التعامل بنجاح مع أزمة كورونا لقد مرت المملكة خلال العام الحالي بأزمة وباء كورونا ووضعت أولويات تستهدف تنفيذ الإجراءات الاحترازية الكفيلة بحماية صحة المواطنين والمقيمين، وتوفير الموارد اللازمة لأنظمة الرعاية الصحية، مع تقديم الدعمين المالي والاقتصادي للفئات الأكثر تضررا من تداعيات مواجهة الجائحة، حيث تم تخصيص أكثر من 120 مليار ريال لتنفيذها، وهو ما يعادل نحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، كما شهد العام الحالي تذبذبا حادا في أسعار النفط إلا أن المملكة خرجت بأقل الأضرار من خلال الحفاظ على مكتسبات المواطن وعدم المساس بها من خلال تنويع مصادر اقتصادها، وعدم الاعتماد على النفط وهو ما أكدته رؤية 2030 للمملكة التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. في الذكرى ال90 لليوم الوطني نحتفل بالشفافية ودولة القانون ومكافحة الفساد وتعزيز الكفاءة والمساءلة.. إنه عام استثنائي لمملكة استثنائية موئل التسامح والسلام.