لم يزر رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب قصر بعبدا كما كان مقرراً أمس (الأربعاء)، للاطلاع على نتيجة المشاورات التي أجراها الرئيس ميشال عون مع الكتل النيابية، في تكريس للقاعدة السائدة المخالفة للدستور التي حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تصويبها بأن الحكومة يشكلها رئيسها المكلف لكنه فشل، متلقياً الضربة الأولى لمبادرته. بمعنى آخر لم يزر أديب عون لأنه علم أن تشكيلته الحكومية مرفوضة في الشكل والمضمون، وأن عون وإن فعلها ووقع مراسيمها مرغماً خشية من أي رد فعل فرنسي، فسيتم رفضها لا محال في مجلس النواب عبر جلسة الثقة، وفقاً لما صدر عن بعض الكتل البرلمانية في الساعات القليلة الماضية. ومن ثم أضحت المبادرة الفرنسية في غرفة الإنعاش خصوصاً أنه لم يحصل اجتماع ليل (الثلاثاء) لخليّة الأزمة في قصر الإليزيه لبحث الملف اللبناني كما تسرب إلى الإعلام، كما أن مدير الاستخبارات الخارجيّة الفرنسيّة برنار إيمييه لم يزر لبنان كما تردّد. الضربات التي تلقتها المبادرة الفرنسية أصابتها في الصميم، وموتها بات قاب قوسين أو أدنى، وهو مرتبط باعتذار أديب عن الاستمرار في عملية التأليف والمتوقع اليوم (الخميس)، بعدما أرجئت زيارة أمس إلى اليوم. وبحسب المعلومات، فقد دخل مدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط الحلحلة بطلب من عون على خطي الثنائي الشيعي والفرنسي في محاولة للوصول إلى حل عقدة حقيبة المالية، مقابل معلومات من الضفة المقابلة تفيد بأن الحريري لن يتنازل هذه المرة، وليس على استعداد للتراجع عن موقفه بخصوص المداورة في كل الحقائب. وفِي تأكيد موت المبادرة الفرنسية المحتم، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لإذاعة فرنسا الدولية: «إن جهود فرنسا في لبنان قد تضيع إذا لم يتمّ التعامل فوراً مع مسألة تسلّح حزب الله». وأضاف: «سنمنع إيران من شراء دبابات صينية ونظم دفاع جوي روسية ثم بيع السلاح إلى حزب الله ونسف جهود ماكرون». فماذا سيحصل في الساعات القليلة المتبقية لزيارة أديب إلى بعبدا لتقديم اعتذاره المحتوم؟ هل سيسمح ماكرون بأن تسقط مبادرته ومعها فرنسا في الهاوية اللبنانية؟ وهل ينصاع ماكرون ويطوع مبادرته ويرضخ للشروط الشيعية، ويشكل حكومة على شاكلة حكومة حسان دياب، كي لا يكتب التاريخ في سجله أنه خسر كل ما يملك في دهاليز السياسة اللبنانية؟ وهو القائل في إحدى زياراته لبيروت إنه يضع كل رصيده السياسي على الطاولة! الكل يقف على شفير الهاوية، والسقوط إلى القعر قاب قوسين أو أدنى.