واصلت شركات «الفوركس» الوهمية إيقاع ضحاياها في فخ الأرباح السريع، رغم الحملات التوعوية للتحذير من التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تسوق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص. وانتشرت في الآونة الأخيرة الإعلانات والدعايات المضللة في العديد من المواقع الإلكترونية التابعة لمنشآت تجارية وإخبارية مرموقة، كإعلانات مخالفة لا تخضع لأي رقابة، باتفاقية بين المنشآت التجارية مع إعلانات «جوجل» لرغبة المنشآت في زيادة دخلها مقابل الإعلانات المعروضة، ما يعطي انطباعا بأن تلك الإعلانات صادرة من المواقع التجارية ليسهل تصيد الضحايا. وساهم في انتشار قضايا الاحتيال المالي بسبب نشاط «الفوركس» قيام عدد من المنشآت المحلية بمنح حساباتهم البنكية إلى جهات خارجية لتسهيل عمليات تحويل الأموال إلى الخارج بهدف منحهم مبالغ شهرية فقط، دون إدراكهم للتبعات القانونية. تواطؤ منشآت محلية لجأت العديد من شركات الفوركس إلى الاستعانة بمؤسسات محلية لتسهيل عمليات تحويل أموال من الأفراد الواقعين كضحايا لشركات الفوركس الوهمية. وتمكن القائمون على شركات الفوركس الوهمية من تقديم كافة التسهيلات للراغبين في تحويل الأموال إليها، عبر تقديم أرقام «الآيبان» لمؤسسات محلية تمكن الأفراد من سهولة تحويل المبالغ إلى المؤسسة المحلية، مع حصول شركات الفوركس الوهمية على كافة الصلاحيات للتحويل من المؤسسة إلى الخارج، مع تورط المؤسسة المحلية في المشكلات القانونية نتيجة تحويلها إلى الخارج. وأكد القانوني أنور عبدالقادر فرحان ل«عكاظ» أن تورط المؤسسات المحلية في منح شركات الفوركس الوهمية صلاحيات الدخول على حساباتها البنكية والتحويل إلى الخارج يعرض مالك المؤسسة إلى عقوبات «غسل الأموال»، وبيّن أن جريمة غسل الأموال يعاقب عليها بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات وتصل إلى 15 سنة أو بغرامة 7 ملايين ريال أو بكلتا العقوبتين. آلية التحايل واستغلال الحسابات الذهبية كشفت إمتنان أحمد التي وقعت ضحية شركات فوركس وهمية، أن بداية تورطها مع الشركات الوهمية جاء بعد وصول روابط إعلانية عن تحقيق أرباح عالية جدا، وقرأت وجود ردود من أفراد استطاعوا وتمكنوا من تحقيق أرباح لمشاركتهم مع الشركة. وبينت أنها قررت وضع معلوماتها الشخصية للتواصل معها، وجاءها اتصال من الشركة وطالبوا بتقديم رقم «الآيبان» والاسم كاملا لفتح محفظة في السوق وجاءتها الاتصالات من أرقام تتبع لشركات محلية، وأضافت قائلة: «أصبحت الشركة تتواصل معي من خلال رقم محلي، ولأجرب الاستثمار معهم بشكل آمن، قمت بإيداع مبلغ 2000 ريال فقط في أول الأمر، ومنذ اليوم الأول للتداول تم تحويل مبلغ 300 ريال لحسابي الخاص ك«أرباح»، ما دفعني للثقة بهم واعتبار الموضوع مربحا جدا، وقمت بإيداع مبلغ إضافي قيمته 9000 ريال ليصبح المجموع 11 ألف ريال، وبعدها أبلغوني أني حصلت على أرباح قيمتها 198.375 ريالا، ومن الصعوبة وضعها في حسابي الشخصي مباشرة لأنها ستأتيني مساءلة قانونية عن مصدر الأموال، وطلبوا مني «حسابا ذهبيا» لإيداع المبلغ به، وعندما تواصلت مع أحد أقربائي ممن يمتلك «حسابا ذهبيا»، طلبوا معلومات البطاقة لوضعها في صفحة إلكترونية تتبع واجهة (أحد البنوك المحلية) وجاءت رسالة التفعيل، وعند إعطائهم الرسالة قاموا بسحب كامل المبلغ بتحويله إلى حساب محلي آخر». وأوضحت إمتنان أنهم بعد قيامهم سحب المبلغ من حسابات أحد أقاربي، لا يزال القائمون على الشركات الوهمية يتواصلون معي، بحجة أن الأرباح لم يتم إيصالها حتى الآن، ويطلبون حسابا ذهبيا لبنك آخر لتحويل المبلغ إليه، لرغبتهم بتهكير وسرقة حسابات أخرى عن طريقي، ما دفعها لتقديم شكوى عند وزارة التجارة والشرطة ومؤسسة النقد، إضافة إلى إبلاغ البنك بوجود عملية احتيال تعرضت لها. ونوهت إلى أن كافة الاتصالات من الشركة جاءت من خلال جنسية واحدة عربية آسيوية (غير سعودية) تقع في المناطق الشمالية. إعلانات مضللة لمواقع إخبارية معتمدة ساهمت المواقع الإخبارية الموثوقة والمعتمدة في الترويج لشركات التحايل، إذ لجأت تلك الصحف إلى عقد اتفاقية مع إعلانات «جوجل» بمنحهم صلاحيات التقديم للإعلانات في مساحات شاسعة بموقعها الإلكتروني. وتستهدف شركات الفوركس الوهمية الإعلان في الصحف عادة، لكثرة اطلاع الأفراد على المواقع الإلكترونية للصحف، إضافة إلى اعتقاد البعض أن عند رؤيته الإعلانات في الصحف الإلكترونية أن هذا خبر مؤكد وليس إعلان اترويجيا. وتقوم الشركات الوهمية للفوركس بأخذ صور لأناس حقيقيين وعرضها، وكذلك أسماء صحافيين حقيقية وكتابة الأخبار بأسمائهم، لخداع الأفراد. حملات حكومية أطلقت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، وهيئة السوق المالية، ووزارة التجارة، قبل 3 سنوات حملة توعوية ضد نشاط الفوركس غير المصرح، أو التي تسوق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات العلاقة، وتتضمن الحملة رسائل توعوية، إضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المواقع أو الأفراد الذين يروجون لهذا النشاط، بعد تعرض العديد من المتعاملين معها إلى عمليات نصب واحتيال وتسببها في تحقيق خسائر مادية كبرى. وتم التحذير مئات المرات عبر الحسابات الرسمية في (تويتر) لمؤسسة النقد ووزارة التجارة وهيئة السوق المالية، بدءا من انطلاق الحملات في 2017، إضافة إلى ذلك قامت جمعية حماية المستهلك بالتحذير من الانجراف وراء حملات الفوركس، مع قيام وزارة الإعلام والأمن العام بالتحذير عدة مرات من الانخداع وراء المكاسب السريعة. وفي هذا الجانب، أكدت هيئة السوق المالية أنها تتعامل مع المواقع التي تروج لنشاط (الفوركس) عبر ثلاثة مسارات؛ يتمثل الأول في توعية العموم بمخالفة هذه المواقع وبمخاطر الاستثمار فيها، كما أن الهيئة تعمل مع مؤسسة النقد العربي السعودي لمواجهة هذا النشاط، حيث أطلقت الجهتان حملات توعوية للتحذير من التعامل مع المواقع غير المرخصة والمواقع المشبوهة التي تروج للاستثمار المالي أو الاستثمار في الأوراق المالية. أفراد تخصصهم إسقاط معارفهم اشتكى عدد من الأفراد العاملين في إحدى المنشآت التجارية ل«عكاظ» عن قيام أحد زملائهم بإغرائهم الدخول في (الفوركس)، باستلامه المبالغ المالية عبر حسابه الشخصي، وقيامه بتحويل تلك المبالغ إلى الشركات في الخارج وعقد الصفقات مع أناس متخصصين لتحقيق أرباح كبرى. وأوضح أيمن محمد أنه قام بتحويل مبالغ تتجاوز قيمتها 200 ألف ريال لزميله الذي ادعى أنه سيوظف الأموال لدى شركات متخصصة، مع قيام الزميل بمنح أيمن شيكات كأداة وفاء عقب استلامه للمبلغ، إلا أنه تفاجأ عند رغبته بسحب قيمة الشيك عدم وجود أرصدة في الحساب البنكي لزميله، إضافة لتغير أسلوبه بعد مطالبتي بإعادة المبالغ بعد مرور سنة دون استلامي لأي أرباح، ما دفعه للتأكد أنه وقع ضحية احتيال مالي من قبل زميله. وشاركه في القول زميله في العمل عمرو علي، الذي أوضح أنه قام بإعطاء أحد زملائه في العمل مبلغا من المال لتوظيفه بحسن نية، بعد إلحاح زميله في أخذ المال لتشغيله بما يعود بالنفع عليهما جميعا، إلا أنه بعد منح نفس زميلهما للمبلغ، تغير تعامله معهم، وأصبح لا يتجاوب مع رسائلهم، في إشارة واضحة لوجود نية مسبقة لعدم إعادة الأموال. التراخيص الفعلية رخصت هيئة السوق المالية في شهر أبريل لعام 2019 لشركة «الرياضالمالية» تقديم نشاط تداول العملات «فوركس» كأول شركة مرخصة في هذ المجال، مع إطلاق تطبيق خاص بالتداول. واشترطت على المتداولين ألا يقل مبلغ التداول في «الفوركس» عن 2000 دولار (7500 ريال)، وبرافعة مالية 40 مرة.