هل من حق المفكر أن يمارس تحيزه الأيديولوجي في قراءاته النقدية المتعددة للنتاج الثقافي؟ حتى لو كان البناء الاستدلالي الذي بنى عليه القراءة بناءً استدلالياً صارماً! الإجابة المنطقية ستكون رافضة لهذا النوع من القراءات كونها خارجة عن الموضوعية والحيادية، المفاهيم وأنماط التفكير (الشعبوية)، غالباً تنطلق من رؤية واحدة وتكوين معرفي جاهز غير مفكك! المعرفة الجاهزة التي يتم تداولها والقارئ الذي تعنيه شُهرة المفكر أو الكاتب فقط للحصول على نتاجه بغض النظر عن موضوعية قراءاته النقدية لن يخدموا إشكالية هذا النوع من القضايا المعرفية بشيء! ولا حتى الحراك المعرفي العربي المعاصر. عمل الفيلسوف عالم الاقتصاد الفرنسي دستوت تراسي على ظهور مصطلح «أيديولوجيا» لأول مرة بعد الثورة الفرنسية التي كان لها تأثير كبير في أوروبا عام 1799، وفي كتاب دستوت تحديداً «مشروع مبادئ أيديولوجيا» مع اختلاف ترجمة العنوان من مترجم لآخر عمل على دراسة صحة الأفكار التي يحملها الناس، الأيديولوجيا هي كلمة دخيلة على اللغة العربية وتعني باللغة الفرنسية علم الأفكار، سبق وعربها المفكر المغربي عبدالله العروي بمصطلح «أدلوجة». تعرف الأيديولوجيا على أنها النسق الكلي للأفكار والمعتقدات والاتجاهات العامة الكامنة في أنماط سلوكية معينة، بالرغم من ذلك هناك خلاف كبير ومناظرات فكرية في تفسير معنى التحيز الأيديولوجي! يلاحظ أن بعض الكتاب أو من يقدمون أنفسهم «مفكرين» ممن أعمتهم الشهرة الثقافية ينخرطون في المنجز الثقافي المنحاز لأيديولوجيا معينة بشكل أو بآخر، بعيداً عن مبدأ المفكر، هذه الهزات التي تتعرض لها الصورة العامة للمعرفة لدينا تقف وراء ضعف البنية المعرفية أو حتى قصورها على أسماء معينة، إذ يفتقر المفكرون الشعبيون إلى المنهجية التي تمكنهم في ظل السياقات المختلفة سواء الثقافية التاريخية أو السياسية أو الاقتصادية إلى تقديم أدوات رصينة يبنى عليها منهج بحثي يمكن الاستفادة منه بشكل جاد، ما يحدث من استسهال وتبسيط للثقافة التي تسيطر على النتاج الثقافي شيء مؤسف ولا يخدم بشيء. arwa_almohanna @