لا يمكن اعتبار النقد العام البعيد عن الشخصنة تجريحا أو إساءة وإن قست بعض الألفاظ. من حق كائن من كان في المجتمع أن يقول رأيه في التعليم وطاقمه، في الصحة وكوادرها، وهذا ليس تقليلا من شأن المعلم ولا الطبيب، إنما الواجب تجاه الوطن، أو اعتبرها «كوميديا» إن شئت اجعلها سوداء تسلط الضوء على مواقع متوارية عن العيون ويرتكز فيها الخطأ. لم تتوقف السخرية على الصحف وكتابها يوما، والناس يوميا تتحدث عن هذا وتعيب على الصحافة ومن فيها تخاذلهم مع جهة دون جهة، ويرى البعض أنها غير قادرة على مواكبة الركض في ميدان الحياة، وهذا رأيهم، وحرية التعبير مكفولة للجميع، فهل غضبت الصحف، وبكى الصحفيون؟! حتى وزارة الصحة لحقها النقد في أشد الظروف «جائحة كورونا» ولم تغضب الوزارة ولم يفن طاقمها! تحويل المجتمع إلى ثكنات جامدة يخشى أفرادها من النقد أو السخرية من خدمة ما، أو مؤسسة ترى أنها فوق النقد، يحول المجتمع إلى آلة تفتقر لسلامة الإنسان، وتعطل حيوية المجتمعات. تحويل المجتمع إلى طبقات تُحترم دون طبقات إضرار بالسلم المجتمعي وفوقية مقيتة. كل من يخدم الوطن من عامل النظافة أو جندي على الحدود أو معلم أو طبيب جدير بالاحترام والتقدير ونقد ما يقدمه ليس إلا لمصلحة الوطن والمواطن، والسخرية إذا حدثت فهي أمر لا يستحق الوقوف عنده. فرض عقوبة السجن والغرامة على من يُعتقد أنه مسيء للمعلم يدخلنا في دوامة الخوف من العقوبة، ولا أعتقد أنه يدفعنا لاحترام المعلم، ثم فماذا عن المسيء للطبيب والجندي على الحدود وعامل النظافة؟! أهمية عامل النظافة كأهمية المعلم وكأهمية الطبيب والجندي. اعمل بحب ودع عنك تلك المخاوف التي تحجب عنك النقد، وتحول دونك ودون أخذ تلك الدعابة على محمل التفكير في كيفية تفادي الأخطاء، والعمل على إصلاحها. الذي يشغل نفسه برفع القضايا المتتالية لأن هذا رفع صوته وحاجبه، وآخر ضحك منه، ما من شك أنه يعاني من فائض في المال والوقت، حتى يدفع أتعاب المحامين، ويتتبع مسار تلك القضايا من لحظة حدوثها إلى إغلاقها في أروقة المحاكم. كاتبة سعودية N_alsalmi@