على رغم أن السويد رفضت ولا تزال ترفض تدابير الإغلاق لصد جائحة كورونا؛ ما أدى إلى عدد كبير من الوفيات بفايروس كورونا الجديد، مقارنة بعدد السكان؛ إلا أن السويديين ينظرون إلى مستشار الحكومة السويدية في الشؤون الوبائية أندريس تيغنيل باعتباره «بطلاً»! كما أن صموده بوجه الانتقادات التي توجه لسياساته يزيد تمجيد السويديين له. وأثار رفض تيغنل إغلاق البلاد في أتون النازلة انتقادات في أرجاء العالم، خصوصاً أن الوباء حصد عدداً كبيراً من أرواح السكان هناك. لكن جهات أخرى تتساءل في حيْرة: هل كانت قرارات هذا العالم المتخصص في مكافحة الأمراض المُعدية صحيحة إلى درجة أن البلاد ستجني فوائدها في المستقبل القريب؟ يرى مدير منظمة الصحة العالمية الدكتور تادرس غيريسيوس أن تأثير مثل هذه السياسة السويدية سيبقى ملموساً على مدى عقود. ويضيف أن دولاً عدة اعتقدت أنها خرجت من عنق الزجاجة فوجئت بتفشٍ وبائي جديد. كما أن دولاً كانت أقل تضرراً من غيرها بعد اندلاع الجائحة تشهد حالياً تفاقماً في عدد الإصابات الجديدة. غير أن الحقيقة التي لا تكذبها الأرقام تشير إلى أن السويد تشهد انخفاضاً ملموساً في عدد الإصابات الجديدة. وحمل ذلك خبراء عدة على القول إن السويد تقترب حالياً من تحقيق ما يسمى «مناعة القطيع». ويستندون في ذلك إلى هبوط عدد الحالات الجديدة، والوفيات، والتنويم في غرف العناية الفائقة أكثر من الثلث خلال ال14 يوماً الماضية. وهو غير الواقع الذي تشهده الدول المجاورة للسويد، كالدنمارك، وفنلندا، والنرويج. وهي قطعاً ليست الحال التي تشهدها بلجيكا، وفرنسا، وإسبانيا. وفضلاً عن ذلك، فإن المؤشرات الاقتصادية تدل على أن السويد تعاني قدراً أقل من الصعوبات الاقتصادية التي نجمت عن الجائحة. ويذكر أن السويد هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي لا تزال مدارسها مفتوحة على رغم استمرار الجائحة. وذكر تيغنل لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية أخيراً أنه قرر منذ البداية عدم إغلاق المدارس، وإبقاء النشاط الاقتصادي في البلاد دون حاجة إلى الإغلاق، لأنه يدرك جيداً التأثيرات السالبة لإجراءات من ذلك القبيل. وزاد أن إبقاء المجتمع مفتوحاً يعني إبقاء البطالة منخفضة، والسماح للسكان بلقاء بعضهم بعضاً. وقال: من الضروري الحفاظ على التوازن المطلوب بين وقف الوباء والمحافظة على صحة السكان. وأوضح أن النهج الذي يتبعه في مواجهة الجائحة يعتمد على الثقة، وليس إنفاذ التعليمات، وهو ديدن نظرة السويديين إلى مجتمعهم. وقال المتحدث باسم الدفاع المدني السويدي مورغان أولفسون إن العيش في ديموقراطية يتطلب توافر الثقة المشتركة. وزاد: يجب على الحكومة أن تثق في الشعب، وعلى الشعب أن يثق في حكومته. ويقول تيغنل إن الأمر يتطلب فقط حض الشعب على الحفاظ على مسافة التباعد الجسدي، والعمل من المنزل إذا أمكن ذلك، والحجر الاختياري إذا شعر الفرد بالخطر، أو ظهرت لديه أعراض الوباء. وتمنع السويد أي تجمع لأكثر من 50 شخصاً، بيد أن صوالين الحلاقة، والمتاجر، والمقاهي، والمدارس للأطفال دون سن 16 عاماً مفتوحة. وترفض السويد أي اتجاه لفرض ارتداء قناع الوجه في البلاد. ويشار إلى أن السويد كبقية دول القارة الأوروبية العجوز ارتكبت أخطاء شنيعة في إهمال حماية دور المسنين، التي حدثت فيها معظم وفيات كوفيد-19. ويذكر أن السويد، التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، شهدت 5.763 وفاة. وهو أعلى عدد وفيات في الدول الإسكندنافية، وهو لا يقارن بالطبع بما حدث من وفيات في بريطانيا، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا.