جرائم الاتجار بالأشخاص تعد أحد أخطر صور الجريمة المنظمة التي تنتهك حقوق الإنسان وتمس كرامته وتشكل خطراً على حياته، جرمتها القوانين الدولية، وخصصت احتفالاً عالمياً لمكافحة الاتجار بالأشخاص. وتعرف جريمة الاتجار بالأشخاص بأنها كل عملية تتم بغرض بيع أو شراء أو خطف أشخاص، سواء كانوا رجالاً أو نساء أو أطفالاً، واستغلالهم في القيام بأعمال على غير رغبتهم في ظروف غير إنسانية. ويدخل في ذلك استغلال العمالة المنزلية للقيام بأعمال ليست من مسؤولياتهم، وسوء معاملتهم، إضافة إلى عمل الأطفال في المناجم والمصانع، وإجبار الأطفال على التسول والعمل. عرّف بروتوكول «باليرمو» الاتجار بالبشر بأنه تجنيد أشخاص، أونقلهم، أو إيواؤهم، أو استقبالهم بالتهديد أو استعمال القوة، أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. وحددت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) أنواع الاتجار بالبشر لأغراض العمل القسري الأوسع انتشاراً في العالم خاصة في الدول النامية ويتم استقدامهم والاتجار بهم باستخدام الخداع والإكراه ويجدون أنفسهم محتجزين في ظروف أشبه بالعبودية للقيام بمجموعة متنوعة من الأشغال. ومشاركة الضحايا في أعمال زراعية أو تعدين أو صيد الأسماك أو في أعمال البناء. وهناك الاتجار بالبشر من أجل الأنشطة الإجرامية القسرية ويسمح هذا النوع من الاتجار للشبكات الإجرامية بجني أرباح مجموعة متنوعة من الأنشطة غير المشروعة دون المخاطرة تضطرالضحايا تنفيذ مجموعة من الأنشطة غير القانونية، ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة السرقة، أو زراعة المخدرات، أو بيع السلع المقلدة، أو التسول القسري. وغالباً ما يكون للضحايا حصص نسبية ويمكن أن يواجهوا عقوبة قاسية إذا لم يؤدوا أداءً كافياً. ومن الأنماط أيضاً الاتجار بالنساء للاستغلال الجنسي، وكثيراً ما يتم تزويد الضحايا بوثائق سفر مزورة وتُستخدم شبكة منظمة لنقلهم إلى بلد المقصد، وهناك الاتجار بالبشر لاستئصال الأعضاء ويحدث في العديد من البلدان، تكون قوائم الانتظار لعمليات الزراعة للأعضاء طويلة وانتهز المجرمون هذه الفرصة لاستغلال يأس المرضى والجهات المانحة المحتملة. ومن الجرائم كذلك تهريب المهاجرين، ويمكن أن يقع العديد من المهاجرين ضحية العمل القسري طوال رحلتهم وقد يجبر المهرّبون المهاجرين على العمل في ظروفٍ غير إنسانية لدفع ثمن مرورهم غير القانوني عبر الحدود.§ أمين «آركو»: متابعة الأموال المشبوهة أكد الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر (آركو) الدكتور صالح حمد التويجري أن التصدي لجريمة الاتجار بالبشر يتطلب الإيقاع بشبكات منفذي الجريمة من خلال متابعة مصادر تدفق الأموال المشبوهة، ووضع عقوبات رادعة لكل من تثبت علاقته بالجريمة. وشدَّد التويجري على ضرورة تنفيذ حملات إعلامية لرفع وعي الجمهور بالعقوبات التي يضعها القانون لهذه الجريمة، وتعزيز التعاون الدولي في الالتزام بالمعاهدات الدولية الخاصة بمكافحتها، مع العمل على إصدار وتطوير التشريعات والقوانين ذات الصلة بمكافحتها، وتحسين الظروف المجتمعية بتوفير التعليم ومكافحة البطالة، وتوفير الدعم الحكومي للفئات الفقيرة، مع تعزيز الشراكة المجتمعية مع الجهات الحكومية، والتشديد على دور الأسرة في توفير الحماية للطفل بدون إفراط أو تفريط، والتنسيق مع الدول ذات الحدود المشتركة من أجل ضبط الحدود. وقال التويجري: الاتجار بالبشر يُعد ثالث جريمة بعد تجارتَي السلاح والمخدرات من حيث خطورتها على مستوى العالم، وهي مرشحة لتصبح الأولى لانعكاساتها السلبية الشديدة، وما تدره من أرباح تجنيها شبكات وعصابات دولية للجريمة المنظمة. وتابع التويجري: من أسباب تنامي هذه الجريمة زيادة الطلب العالمي على العمالة غير القانونية الرخيصة، وانتشار الفقر والبطالة، وتدهور الوضع الاقتصادي، والحروب والنزاعات المسلحة، وعدم مقدرة الدول على حماية الحدود، وضعف الوازع الأخلاقي والديني، وانتشار الجريمة في المجتمعات، وعدم وجود قوانين رادعة، وازدياد معدلات اللجوء والهجرة الداخلية والخارجية لبعض الدول، والانفتاح الاقتصادي والتجاري الذي تشهده المجتمعات والاقتصادات الصغيرة، ولاسيما المجتمعات الفقيرة، وغياب الدور الإعلامي في توعية المجتمعات حول هذه الظاهرة، والفساد وعدم الاستقرار السياسي. وأضاف أن الإنترنت أكبر عامل لرواج الاتجار بالبشر؛ إذ إنه وفّر على التجار تكلفة تهجير ضحاياهم، وكلفة السفر والنقل، كما سهل التخفي، وأضعف قدرة الإمساك بالمجرم والجاني الحقيقي، وأعطى التجار صلاحيات أكبر، ومساحات أوسع للعمل عبر العالم كله، والترويج لسلعهم البشرية، وسهل لهم الوصول إلى ضحاياهم داخل بيوتهم عبر إعلانات الوظائف الكاذبة والوهمية. السعودية: لا تهاون مع المتاجرين بالبشر وضعت المملكة مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص على رأس أولوياتها، وبذلت في سبيل ذلك جهوداً جبارة أشاد بها الجميع، لمنع أي سلوك ينطوي على الاتجار بالأشخاص، وكشفت أحكام قضائية حزم القضاء في التعامل مع تلك الجرائم وبما يتناسب مع طبيعة كل جريمة، إذ يعاقب من ارتكب جريمة الاتجار بالأشخاص بالسجن مدة لا تزيد على 15 سنة، أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بهما معاً، على أن تشدد العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام في الحالات التالية: إذا ارتكبت الجريمة جماعة إجرامية منظمة، أو إذا ارتكبت ضد امرأة أو أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة. النيابة العامة: جريمة تامة أكدت النيابة العامة أن وقوف المجتمع مع ضحايا الاتجار بالأشخاص يسهم في حمايتهم، وشددت على ضرورة أن يساند المجتمع الجهات المختصة لمنع جريمة الإتجار بالأشخاص بأشكالها المتنوعة كافة. وبينت أنه على الجميع بذل المزيد من الجهود للقضاء على هذه الظاهرة المشينة، وعلى أي شكل من أشكال الممارسات المعاصرة لتلك الجريمة، وفي سبيل ذلك فإن المملكة تسخر كل إمكاناتها البشرية والمادية لتحقيق هذا الهدف السامي النبيل. وشددت على حرص النيابة العامة على الحقوق والضمانات المتعلقة بضحايا جرائم الاتجار بالأشخاص استشعاراً لمسؤولياتها تجاه الحماية الجنائية المقررة في هذا الشأن وصيانة للمصالح المحمية لها. وأضافت النيابة العامة أنه طبقاً لنظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص تتولى النيابة العامة حماية الضحايا وتوفر الأمان لهم لضمان سلامتهم وتمكينهم من حقوقهم النظامية التي كفلها النظام لهم والتحقيق والادعاء في هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها للمساءلة الجزائية، وكذلك المطالبة بمعاقبة من يقوم بالشروع في مثل هذه الجرائم. وتتولى النيابة تتبع متحصلات تلك الجريمة وطلب مصادرتها، والمطالبة بمعاقبة مرتكب هذه الجريمة إذا ارتكبت من شخص ذي صفة اعتبارية أو كانت لحسابه أو باسمه مع علمه بذلك. ويعاقب بعقوبة الفاعل كل من ساهم في جريمة الإتجار بالأشخاص. الجوازات: ملاحقة المسيئين في كل مكان أوضح المدير العام للجوازات اللواء سليمان اليحيى أن السعودية اهتمت بمكافحة الإتجار بالأشخاص اهتماماً بالغاً سواء ما يتعلق بالاتجار المادي أو بالإتجار المعنوي في ما يؤذي النفس أو في ما يتعلق في استحصار مبالغ أو التكليف بالأعمال الشاقة بالنسبة لمن يعملون سواء كانوا مواطنين أو غير مواطنين وصدر نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في المملكة في 21 من شهر رجب عام 1430، وشددت المادة 3 منه على أنه تجري معاقبة كل من يعتدي أو يرتكب جريمة من جرائم الإتجار بالأشخاص بالسجن لا تزيد على 15 سنة أو بغرامة لا تزيد على مليون ريال أو بهما معاً. وقال اليحيى إن جميع الأنظمة مستقاة من الشريعة وأيضاً تعمل على تطوير وتحسين مستوى التعامل ومراقبة الإساءة أو استغلال البشر أو سوء التعامل معهم. وشدد على أن الجميع على هذه الأرض الطيبة يبقى رافع الرأس وحقوقه محفوظة.