سعياً للاستثمار الناجح في الفكر وتغيير السلوك كان لا بد من البحث عن الحلول الناجعة لإحداث تحول جذري في طريقة إدارة وإنجاز الأعمال، والاستفادة من التطور و(الطفرة التقنية) إن جاز التعبير عنها بهذا المصطلح، لخدمة المستفيد بصورة أكثر احترافية ومنهجية، ومع ظهور ما يسمى ب«التحول الرقمي» على السطح في جميع المجالات وتسيده المشهد على مستوى العالم، ليصبح ضرورة ملحة لأي منظومة تسعى للتطور والتحديث في مجال عملها وخدماتها. وهذا ما اعتمدت عليه المملكة كركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية 2030، من خلال التعاون مع شركاء التحول الرقمي لتسريعه وتمكينه في المملكة وتحقيق الكثير من الإنجازات الوطنية الرقمية من خلال هذا المنظومة، موفرة بذلك الإمكانات الضخمة لبناء مجتمع فعّال، عبر التغيير الجذري في مختلف الخدمات المقدمة والأنظمة الإلكترونية لتشمل الفائدة كلا من المستهلك والموظف والمستفيد، بالتزامن مع تحسين التجارب والإنتاجية عبر سلسلة من العمليات المتناسقة، التي تساعد في الخروج بصياغة محدثة للإجراءات اللازمة للتفعيل والتنفيذ. وإذا كان لنا من تساؤل عام يمكن صياغته على النحو التالي: كيف يمكننا كمجتمع الاستفادة من التقنية الرقمية؟ وما هو انعكاسها على حياتنا اليومية؟ ببساطة شديدة، فقط يمكننا هنا أن نطرح الأمثلة اليومية الملموسة والمستشعرة أو التي قد نستخدمها عدة مرات في اليوم. مثلاً الخدمات الحكومية التي تشمل نشاط المعاملات والخدمات الإلكترونية كتجديد وإصدار رخصة القيادة وجواز السفر من خلال تطبيق «أبشر» لوزارة الداخلية، والبلديات، والجامعات، أو الحصول على استشاره طبية من خلال تطبيق «صحتي»، وشركات الكهرباء والاتصالات وخطوط الطيران، وخدمات التوصيل، وتطبيقات الأجرة، وشركات الشحن، والتسوق الإلكتروني وغيرها الكثير من تطبيقات وأنظمة الوزارات الحكومية ومؤسسات وشركات القطاع الخاص التي بالطبع لا يمكن حصرها. وهذا كله سيساهم في خلق مجتمع رقمي ذي بنية تحتية متطورة وميسرة تحتوي على شبكات الإنترنت ومراكز البيانات، ورفع مستوى رفاهية المواطن والمقيم في عدة مجالات اجتماعية لا سيما التعليمية منها والرعاية الطبية عن بعد، وتطوير المدن الذكية وتعزيز التجارة الإلكترونية من خلال طرح حلول ذكية متنوعة لتحسين جودة الحياة إلى ما هو أفضل وأكمل. لذا نستطيع القول إن «التحول الرقمي» يسعى في مجمله إلى تشكيل نمط حياتي يعمل ويفكر ويتفاعل ويتواصل به المجتمع معتمداً على التقنية، وإلى تحسين الكفاءة وتقليل الإنفاق في بيئة العمل، وتقديم خدمات جديدة بسرعة ومرونة، إضافة إلى تطوير آليات وطرق تقديم الخدمات للأفراد مستفيداً من هذه التقنيات الحديثة، كما أنه يركز على التخطيط الجيد لما يحمله المستقبل، ويشجع الابتكار في هذا المجال. وحدة التحول الرقمي لم تكتفِ المملكة بإعلان رؤيتها 2030 وتقديم أهدافها، بل حرصت منذ إطلاقها على تسريع الانتقال إلى عالم الرقمة الفعلية وتجويد العمل، فبادرت المملكة عام 2017 وبأمر ملكي بإنشاء (وحدة التحول الرقمي) كجهة مستقلة تعمل على تنفيذ التحول الرقمي في المملكة وتحقيق أهداف رؤية 2030، من خلال التوجيه الاستراتيجي وتقديم الخبرة والإشراف بالتعاون مع القطاعين العام والخاص للارتقاء بمكانة المملكة دولياً ولتصبح من الدول المتطورة رقمياً من خلال تنمية اقتصادية مستدامة تعتمد على تعزيز قيم ومفاهيم الابتكار والاستثمار في المواهب الشابة. وكان للمملكة ما سعت إليه من تطوير للعمل الحكومي، ونشر مفهوم التعاملات الإلكترونية في الجهات الحكومية المختلفة؛ لتكون نموذجاً رقمياً يحقق الاستدامة الاقتصادية والريادة العالمية، ويحسن من جودة الحياة، وهو ما يعكس حجم سوق تقنية المعلومات والتقنيات الناشئة البالغة ما يقارب 44.8 مليار سعودي، إضافة إلى قفزات نوعية في تسريع هذا النمط الجديد وتبني أنظمة الاتصالات وتقنية المعلومات وتفعيل استخداماتها للوصول إلى مجتمع معلوماتي واقتصاد رقمي، إلى جانب تحقيق معدلات عليا من الرفاهية للمواطن والمقيم وتسهيل أمور حياتهم المعيشية.