تُعلق أفكارنا في تفاصيل الزمن ومواقيته، نرتبط بالوقت وجميع ما يدل عليه دون أن نشعر، نحرك أيدينا كل ثانية ونتخلل أصابعنا من التوتر. تقف الأشياء في أماكنها دون حياة، تكف الأرض عن الدوران والغيوم عن التقدم، والنائمون لا يستيقظون ولا أحد يعود، ولا حتى يذهب أحد. تسلب الحياة من الحياة دون إدراك وكأن الدنيا «صُفدت»! ورُبطت يداي وعيناي ومسمعي بمكابل من زمن، مكثت في مكاني ساعات طويلة توقف بها العالم وانحنى بها الشجر وسكن الهواء. وكل هذا محض معرفتي! نعم أنا أعرف لحظة غيابك أفتقد نفسي، وكأنَّ شيئاً ثقيلاً وضع بين كتفي. لا أستطيع الحراك، ولا الشعور، تُصفد روحي عن العبث وفرحي عن التمادي وحزني عن التعبير، أبقى هكذا بلا حراك! راكدةً يعلو وجهي الذهول وأسرع ما يمضي في ذلك الوقت قلبي، فهو ينبض ضعف نبضه ألف مرة، يهتز به جسدي ويتعرق به جبيني ويشلُ عقلي. نعم... انتظارك يصفد نفسي، ويقلق روحي ويبطئ عزمي. ترمي بي في حيرة من أمري لا أستطيع بها الوصول إليك ولا البعد عنك. ولا حتى أستطيع أن أبقى بينهما، أشعر أن قلبي على جرفِ سعير لا يعرف كيف عليه أن يبرد. حتى إن كنتَ تعتقد أنك ذو عقل مكين، وذو قناعة أنك تتدارك الأمور وتعطيها استحقاقها، يأتي من يصفد قناعتك ويلخبط تمكينك ويتحكم في عقليتك. لأن في أغلب الحال قلبك هو المتسيد شئت أم أبيت، فإن ارتاح ارتاح سائر جسدك. وأن أُقلق تداعى له سائره بالتفكير والحمى.. نحن لسنا إلا صلصالاً نُعجن بما نشعر..! نُصفد بمن نحب «أصفاداً» طائعين وكأننا من سلمنا أيدينا لهم قائلين «كيفما تريدون نكون أحرارا».. حب مكين يجعل من القيد الحكيم طمأنينةً وراحة نبحث عنها ونحبها ونلوم كل شيء كنا ننظر إليه إلا هم... ففي لحظة حدوثهم ننسى أننا كنا مصفدين، وننسى آلام أيدينا وإحكام أقفالهم.. قلوبنا التي تريد لا عتب عليهم.. نحن نحب لأننا نُصفَّد!