اتجهت أمس الأول، بوصلة العلماء إلى محاولة استكشاف لقاح موجود وقديم نسبياً، لمعرفة إن كان سيوفر الحصانة المطلوبة من الإصابة بمرض كوفيد-19، الناجم عن عدوى فايروس كورونا الجديد. وهو المصل الثلاثي المعروف ضد الحصبة، والنكاف، والحصبة الألمانية. ويعتقد خبراء أن من شأن هذا المصل إما أن يقي البالغين من الإصابة بكوفيد-19، أو أن يقلل أعراض المرض على الأقل. وكان أكثر من 1.100 من البحارة على متن حاملة الطائرات الأمريكية ثيودور روزفلت أصيبوا بكوفيد-19، ونقل واحد منهم فقط إلى مستشفى حيث توفي هناك. واتضح أن الباقين خضعوا جميعاً للتطعيم بالمصل الثلاثي، طبقاً للسياسة المتبعة في المؤسسة العسكرية الأمريكية. ويرى علماء أن هذا اللقاح ربما هو الذي أنقذ أولئك البحارة، وغالبيتهم دون العشرين. كما أنهم يعتقدون أنه وراء حماية الأطفال من كوفيد-19. وتقول السلطات البريطانية إن عدد الأطفال الذين أصيبوا بالفايروس أقل من 2% من جملة عدد المصابين في الجزيرة البريطانية. وكان أطباء مستشفى القصر العيني في القاهرة جندوا الشهر الماضي 200 طبيب وممرض وعمال رعاية صحية لحقنهم بالمصل ومعرفة مدى وقايته لهم من فايروس كورونا الجديد، في تجربة تستمر حتى أكتوبر القادم، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم. أساس الاختلاف بين اللقاحات وتقوم فكرة معظم اللقاحات كالتي تخضع للتجارب حالياً على أن يتم صنعها خصيصاً للحماية من كوفيد-19 وحده. وهي تستخدم إما جزء من البروتين على سطح الفايروس، أو جزئيات ميتة منه، أو جزئيات من مادته الوراثية، بغرض أن يتعرف الجسم على الفايروس إذا دهمه غازياً، فيقوم نظام المناعه بتدميره؛ بمعنى أن هذه اللقاحات تم تصميمها خصيصاً لمحاربة فايروس كوفيد-19، وليس أي فايروس عداه، بيد أن الأمصال الأخرى، وهي مجموعة صغيرة العدد، كالمصل الثلاثي، ومصل (بي سي جي) للوقاية من السل، ومصل شلل الأطفال، فكرتها مختلفة تماماً. فهي مصنوعة من نسخ حية من الفايروس أو البكتيريا، لكنها نسخ تم إضعافها لأقصى قدر ممكن. وعلاوة على قيامها بدفع نظام المناعة لإنتاج خلايا مقاومة للمرض، فإنها تعزز جهاز المناعة بحيث يظل متيقظاً على الدوام لصد أي عضويات غازية للجسم. ونقلت (ديلي ميل) أمس الأول، عن أستاذة المناعة والأمراض المُعدية بجامعة أدنبرة البروفسور إليانور رايلي قولها «إن المصل القائم على استخدام فايروس أو بكتيريا حية أشبه بقيام الجيش بنشر قناصته استعداداً للرد على أي معتد يظهر من وراء الأفق». وكانت دراسة نشرت خلاصتها «عكاظ» أخيراً أشارت إلى أن العلماء يجرون دراسات حالياً لمعرفة قدرة مصل الدرن الرئوي (بي سي جي) على مكافحة أي عدوى من كوفيد-19. وأعلنت السلطات اليابانية أنها تواجه نقصاً كبيراً في مصل السل، بعدما تكالب كثيرون على شرائه لتلقيحهم ضد فايروس كورونا الجديد. ويقول علماء جامعة كامبريدج، الذين يدرسون تأثير المصل الثلاثي على مرضى كوفيد-19، إن الأجسام المضادة التي أنتجها المصابون الذين تعافوا من كوفيد-19 أشبه في هيكلها بالأجسام المضادة التي ينتجها الجسم لتدمير فايروس الحصبة الألمانية. ويعتقدون بالتالي أن هذه الأجسام المضادة للحصبة الألمانية هي التي جعلت أولئك المصابين يتعافون سريعاً من كوفيد-19، لأنها منعته من إحداث أي أضرار بأجسام المصابين. الدليل القوي ولا شيء سواه وأوصى علماء كامبريدج، في ورقة علمية ستنشر قريباً، بضرورة وضع تطعيم المهددين بالمخاطر الصحية، ككبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، بالمصل الثلاثي في الاعتبار، بيد أن علماء آخرين حذروا من الاتجاه إلى تطعيم الناس بالمصل الثلاثي أو مصل الدرن الرئوي من دون أدلة صلبة على أنهما ناجعان فعلياً في صد فايروس كورونا الجديد. وقالت البروفيسور رايلي إن الاحتمالات كبيرة أن يكون مفعول هذين اللقاحين لفترة قصيرة لدى بعض الناس، أياماً وليس أسابيع أو أشهراً، أو سنوات.