تتجه الأنظار إلى حكومة «حزب الله» التي فشلت في استعادة أو في حيازة الثقة الشعبية والدولية، والتي يبدو أنها فقدت الثقة بنفسها، وبالطريقة التي تدير بها الأزمة وبقدرتها على اقتراح الحلول، إذ إنها ما زالت تراوح مكانها وتدور في حلقة مفرغة، ما أدى إلى نشوء «محاور وزارية» داخلها موزعة بين الرئاسات الثلاث. الحكومة التي شغلها «خلاف الأرقام» خلال عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، شغلها الشاغل حالياً الخلافات السياسية على نحو ما كشفته جلسة مجلس الوزراء أمس (الأربعاء) التي كانت متوترة، وشهدت أكثر من «اشتباك كلامي» حول أكثر من ملف. وكشفت مصادر سياسية مطلعة في بيروت ل«عكاظ»، أن حكومة حسان دياب دخلت فعلياً في مرحلة تصريف الأعمال وأن استقالتها باتت قاب قوسين أو أدنى مع تخلي الأفرقاء الذين دعموها وآخرهم التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل بعدما شهدت الساعات الأخيرة حالة تجاذب ونفور بين وزراء التيار ورئيس الحكومة. وأفادت المصادر بأن البحث في الاسم البديل لرئاسة الحكومة يجري بشكل حثيث، وتبدو أسهم النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري هي المرجحة على المستوى الداخلي فيما اسمه لم يحظ بعد بأي ترحيب خارجي وهذا من شأنه إعاقة عملية إجراء تغيير حكومي حتى هذه اللحظة. دياب وفي مستهل الجلسة الحكومية وإدراكاً منه لمصير حكومته اتهم جهات محلية وخارجية بمحاصرة اللبنانيين وإدخال لبنان في صراعات المنطقة. وأضاف: سكتنا كثيراً عن ممارسات دبلوماسية فيها خروقات كبيرة للأعراف الدولية حرصاً على الصداقات والعلاقات لكن هذا السلوك تجاوز كل مألوف في العلاقات الأخوية والدبلوماسية. وفِي تفاصيل الاشتباك السياسي، فإن شبح الاستقالات خيّم على جلسة الأربعاء التي يمكن تسميتها «جلسة الخلافات»، إذ ترددت كلمة «الاستقالة» أكثر من مرة على لسان أكثر من وزير. فعندما قرر مجلس الوزراء تعليق البت باستقالة المدير العام لوزارة المالية غازي وزني عقب التوتر الذي ساد بينه وبين الفريق الوزاري العوني، على خلفية رفض طلب استقالة بيفاني بذريعة أنها ستؤثر سلباً على عملية التفاوض مع صندوق النقد، أعرب الوزير في المقابل عن إصراره على وجوب قبول استقالة بيفاني في مجلس الوزراء، وقال حاسماً: «إذا رفضتم استقالته أستقيل أنا». بالمقابل، وفي أول زيارة لمسؤول أوروبي منذ تشكيل هذه الحكومة، يصل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت قريباً لإبلاغ السلطات اللبنانية بالموقف الفرنسي. لودريان الذي تحدث أمام النواب في البرلمان الفرنسي، حذر من أن الوضع ينذر بالخطر في ظل وجود أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية وإنسانية تتفاقم الآن بفعل مخاطر جائحة كورونا. وقال إن الأزمة الاجتماعية المتفاقمة تخاطر بزيادة احتمالات تفجر أعمال العنف. وقال إنه يتعيّن على الحكومة تنفيذ إصلاحات حتى يتسنّى للمجتمع الدولي مد يد المساعدة للبنان، معبّراً عن قلق بلاده تجاه الأزمة في لبنان، واصفاً الوضع بالمزعج، محذراً من أن تفاقم الوضع الاجتماعي ينذر بالعنف.