عصبة الأمم.. أو بمسماها الحديث (الأممالمتحدة).. هذه المنظمة التي ولدت قبل 75 عاما، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية التي خلفت حسابات دولية مختلفة، بعد زوال إمبراطوريات وقيام أخرى، وضعت أسسا لنظام دولي جديد يحقق الأمن والاستقرار في العالم، عقب تلك الحرب المدمرة. الجمعية العامة التي تختار شخصية تزكيها الدول المنتصرة في تلك الحرب، أو ما يطلقون عليها الدائمة العضوية، ليكون أمينا عاما بناء على توصية من مجلس الأمن، وهو ذراع المنظمة الأقوى. ومن خلال تسعة أمناء.. واجهت هذه الهيئة الأممية عددا من الأزمات الإقليمية والعالمية العصية، وتعاملت مع ملفات بالغة الخطورة على الأمن والسلم في العالم. لكنّ هناك عددا من الدول المارقة ما زالت تمارس أدوارها التخريبية، وتتوسع في تدخلاتها العبثية في مقدرات الشعوب، وزعزعة الأمن والاستقرار، مستغلة تضارب المواقف وتقاطع المصالح تارة، والتراخي في التعامل مع عدوانيتها بصرامة تارة أخرى. تتصدر إيران قائمة هذه الأنظمة المارقة، مواصلة أعمالها الإرهابية التخريبية والتدميرية. وعلى الرغم مما تقوم به المنظمة الأممية من جهود للوقوف على الحقائق من إرسال مندوبين وخبراء إلى بؤر النزاع، وتدوين محاضرها وتقاريرها، لا تزال طهران ونظامها التخريبي الفاسد، وعملاؤها الذين تصدرهم، تزرع الفتن وتشعل فتيل الصراعات، متصدرة قائمة الأنظمة المارقة، وأدوارها التخريبية التي تقوم بها موثقة من صنعاء إلى بيروت مرورا ببغداد ودمشق. وكشفت كل تقارير خبراء المنظمة الدوليين، استمرار تغذية طهران للصراعات في الشرق الأوسط، ففي صنعاء ما زالت المليشيا الحوثية الانقلابية تستقبل إمدادات التخريب والعدوان من ملالي طهران على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، ووفق شهادات وتقارير الخبراء الأمميين المكلفين بمراقبة حظر السلاح المفروض على اليمن منذ 2015، التي تؤكد حصول هذه المليشيا على منظومات صاروخية وطائرات مسيرة إيرانية الصنع. ونجد هناك من يتساءل لماذا طال أمد عبث الانقلابيين في اليمن؟ ومتى تنتهي معاناة الشعب اليمني؟ وتفاقم الأزمات الطاحنة التي تسببت فيها هذه المليشيات التي تمادى سلوكها الإجرامي إلى الاستيلاء على المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الشعب اليمني المنهك من قبل المنظمات الدولية، بشهادة برنامج الأغذية العالمي الذي اتهم المتمردين الحوثيين بسرقة المساعدات، وبيعها علنا، مهددا بوقف التعاون معهم، إضافة إلى عرقلة هؤلاء المتمردين كل الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لإنهاء الانقلاب وتخفيف معاناة الشعب اليمني، وإرساء تسوية سياسية للأزمة. وتدرك الأممالمتحدة، وكذلك المجتمع الدولي أن ردع طهران وممارسة الضغوط على نظامها الإرهابي سيوقف تأجيج الصراعات في المنطقة. ولم يخف الأمين العام للمنظمة الدولية غوتيريس نفسه، في تقرير فاضح، أن صواريخ كروز التي هوجمت بها منشآت نفطية ومطار دولي في السعودية العام الماضي إيرانية الصنع، وأن الصواريخ العابرة والطائرات المسيرة التي استخدمت في أربع هجمات على السعودية في 2019 هي صنع إيراني. بل وأفصح أن خصائص تصميم بعضها مشابهة لتلك التي أنتجها كيان تجاري في إيران، أو تحمل علامات فارسية، وأن بعضها تم تسليمه إلى طهران بين فبراير 2016 وأبريل 2018، بخلاف حطام أسلحة جرى استخدامها في هجمات على منشأة نفط سعودية في عفيف في مايو وعلى مطار أبها الدولي في يونيو وأغسطس وعلى منشأتين نفطيتين لأرامكو السعودية في خريص وبقيق في سبتمبر، وتم فحصها من قبل خبراء المنظمة الدولية، ووفق تقرير أمينها العام تم التأكد من أنها إيرانية المصدر. فهل سيتحقق الأمن والاستقرار الإقليمي، وطهران تواصل العبث، وتدعم المنظمات والجماعات الإرهابية، وتستهدف دول الجوار وتهدد حركة الملاحة الدولية؟ لذلك لا بد من زيادة الضغوط الدولية على هذه الدولة المارقة، وتشديد القرارات الرادعة ضدها، وحظر كل تعاون معها في جميع المجالات، ولا يقتصر ذلك فقط على مجال التسلح، فلا بد من تعليق حتى الاتفاق النووي الذي أبرمته عمائم الشر مع القوى العالمية.