قال ناشطون يمنيون إن تقرير الأممالمتحدة حول ملف الأطفال في اليمن، أثبت اعتمادها على مصادر معلوماتية غير محايدة، بل ومنحازة للانقلابيين عبر شركاء محليين ومنظمات حوثية، في ظل عجز الأممالمتحدة عن تشكيل فرق ميدانية محايدة ومهنية في جميع المناطق اليمنية. ووصف حقوقيون وقانونيون يمنيون تقرير الأممالمتحدة بالفضيحة السياسية، إذ أن التقرير يتعامل مع المليشيا الانقلابية كتعامله مع الحكومة الشرعية والتحالف العربي الداعم للشرعية الذي ينفذ قرارات مجلس الأمن نيابة عن المجتمع الدولي، وتمكن من الحفاظ على مكانة وهيبة المؤسسة الدولية من خلال تنفيذ مبدأ التدخل الإنساني لمنع جرائم الحرب الانقلابية وحماية خطوط الملاحة البحرية وفرض احترام حقوق الإنسان، والتقرير بذلك يقفز على قرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي وعلى رأسها القرار 2216 الذي ينص على عودة الشرعية وتسليم السلاح وانسحاب المليشيات وإيقاف الحرب الانقلابية. إضافة إلى ذلك، فالتقرير تضمن أخطاء ومغالطات مهنية وقانونية، ويعتمد على شركاء محليين حوثيين وطواقم عمل تشكل لوبيات انقلابية على تنسيق وثيق الصلة بلوبي إيراني يعمل داخل المنظمات والمحافل الدولية، واكتفت بذلك كمصادر معلومات تبني عليها كثير من تقاريرها، دون أن تشكل أي فرق ميدانية محايدة تتبع الأممالمتحدة مباشرة. عدم التزام بالقوانين اليمنية ويقول خبراء قانونيون يمنيون إن عمل الأممالمتحدة في اليمن غير ملتزم بالقوانين اليمنية، فهي تأخذ من صنعاء الخاضعة لسلطة غير شرعية مقرا لمكاتبها وترفض الانتقال لعاصمة السلطة الشرعية عدن، وماتزال تعتمد معلومات وزارة صحة الانقلابيين غير المعترف بها محليا ودولياً وترفض التعامل مع وزارة الصحة في الحكومة الشرعية، وفي تقريرها الأخير بشأن الأطفال اكتفت بالإشارة لإجراءات المملكة العربية السعودية في حماية الطفولة وناقضت نفسها في التقرير بإدراج التحالف والمملكة، متجاهلة جميع جهود مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية والإغاثية في مجال حماية الطفولة ومعالجة الأطفال اليمنيين من الآثار النفسية الناتجة عن حرب الانقلاب وإعادة الآلاف منهم للمدارس بينما تحرمهم المليشيا من التعليم وترسلهم لجبهات القتال بعد إخراجهم قسراً من المدارس. خيبة أمل وكانت الأوساط اليمنية تأمل حدوث تغيّرات إيجابية بأداء الأممالمتحدة في عهد أنطونيو غوتيريس، غير أن اليمنيين أصيبوا بخيبة أمل، لاسيما في ظل تزايد اعتماد الأممالمتحدة في مصادرها على منظمات محلية حوثية تتعمد تضليل الرأي العام الدولي، كما أن الأممالمتحدة مستمرة في التعامل مع سجلات وزارة الصحة والمستشفيات المسيطر عليها من قبل المليشيات الانقلابية والتي تتعمد تزوير السجلات وتزويد الأممالمتحدة بأرقام لا أساس لها من الصحة كما تؤكد الحكومة الشرعية، علاوة على عدم اتخاذ الأمين العام أنطونيو غوتيريس أي إجراءات لمعالجة ضعف تمثيل المنظمات الدولية في العاصمة المؤقتة للسلطة الشرعية عدن وجميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت السلطة الشرعية، واستمرار وجود مكاتبها في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيات انقلابية غير قانونية، ما يجعل تقارير الأممالمتحدة عرضة للتضليل لاعتمادها على مصادر غير موثوقة ومن طرف واحد هو الطرف الانقلابي، الأمر الذي دفع بالحكومة الشرعية إلى انتقاد تجاهل الأممالمتحدة التي تطالبها بنقل مكاتبها إلى عدن العاصمة المؤقتة للسلطة الشرعية، كما أن وجود المنظمات الدولية العاملة في المجالات الإنسانية والإغاثية في صنعاء الخاضعة لسيطرة المليشيات الانقلابية، يجعلها عرضة لتهديد المليشيا التي تمارس ضغوطا عليها تجبر العاملين فيها على قبول معلومات واحصاءات مزورة، إذ كشفت اللجنة الوطنية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ضلوع المليشيات الانقلابية في إحدى الوقائع فقط، بتزوير أكثر من 100 شهادة وفاة وهو الأمر الذي يطعن في صحة الأرقام التي تعلنها بعض تقارير الأممالمتحدة. وعوضاً عن اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من جرائم تجنيد الانقلابيين للأطفال والزج بهم في جبهات القتال بشهادة تقارير الأممالمتحدة نفسها، ذهب تقرير الأمين العام أنطونيو غوتيريس بعيداً عن ذلك وألقى باللائمة على السلطة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها في مقتل هؤلاء الأطفال. قفز على الحقائق وتؤكد مصادر حقوقية يمنية مطلعة، أن مليشيا الحوثي الانقلابية تقوم بتوثيق ورصد مقتل مئات الأطفال من الذين تزج بهم في جبهات القتال وترفع بتلك الأرقام للأمم المتحدة عبر منظمات محلية تعتمد عليها الأممالمتحدة كجزء من مصادرها، في حين تشير إحصائيات وثقها التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان خلال الفترة من 1 يوليو 2014 حتى 30 ديسمبر 2016، إلى أن المليشيا الانقلابية قامت بتجنيد قرابة 8000 طفل دون السن القانونية، قتل وجرح منهم في المعارك أكثر من 140، ووقع في الأسر قرابة 100 طفل منهم، وقد قامت السلطة الشرعية بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بإعادة تأهيلهم ومعالجتهم من الآثار النفسية جراء الزج بهم إلى جبهات القتال وإعادتهم للمدارس بعد أن قامت المليشيا بإخراجهم من مقاعدهم الدراسية وإرسالهم إلى جبهات القتال بشكل إجباري مع 451 طفلا، منهم 408 من الطلاب في المرحلة الأساسية وفقا لتقرير حديث عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان. تضليل الأممالمتحدة ويقول المحلل السياسي اليمني مجاهد السلالي إن الانقلابيين تمكنوا من تضليل الأممالمتحدة ومنظماتها العاملة في اليمن عبر الشركاء المحلين الذين تعتمد عليهم في مصادرها وتقاريرها، واستطاعت المليشيا الانقلابية من خلال ذلك، أن تستخدم تلك المنظمات لصالح الانقلاب كخطاب أولاً من حيث حديثها الدائم عن "أطراف النزاع" وليس عن المليشيا الانقلابية والسلطة الشرعية على الرغم من أن السلطة الشرعية تشغل كرسي العضوية في الأممالمتحدة، ومن ثم كأداة داعمة كما حدث مع تقرير الأممالمتحدة الأخير الذي لم يفرق بين مليشيا خارجة عن القانون ومتمردة على الدولة وبين سلطة شرعية معترف بها دولياً ومستندة إلى قرارات الشرعية الدولية نفسها، كما يشير السلالي إلى تجاهل الأممالمتحدة لجرائم الانقلابيين وغياب اهتمامها بالمناطق التي دمرها الانقلاب. تساؤلات عن دور الأممالمتحدة وتساءل السلالي عن دور الأممالمتحدة في عهد الأمين العام الجديد أنطونيو غوتيريس وموقفه من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد على ضرورة عودة الشرعية وانسحاب الانقلابيين من المدن وتسليم السلاح وإيقاف حربهم على المدن اليمنية، وعن أسباب تجاهله لمطالب الحكومة الشرعية في نقل مكاتب الأممالمتحدة من المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين إلى العاصمة المؤقتة عدن حيث تتواجد السلطة الشرعية، كما استغرب تغاضي الأمين العام للأمم المتحدة عن التهجير الممنهج التي تمارسه المليشيات الانقلابية وحصار مدينة تعز التي يقطنها أكثر من 700 ألف نسمة وحرب الإبادة التي تتعرض لها تعز، ناهيك عن جرائم الألغام وتجاهل المعتقلين والمخفيين الذي نص قرار مجلس الأمن 2216 على ضرورة الإفراج عنهم. ويقول ناشطون يمنيون إن الأممالمتحدة زادت من تقويض نزاهتها ومهنيتها في برامج المساعدات وفي دورها الإنساني عموما وعدم تحليها بالشفافية اللازمة في عهد الأمين العام الجديد أنطونيو غوتيريس عبر تعزيز شركاتها مع منظمات محلية موالية للانقلابيين. ويحاجج يمنيون بتفاقم المأساة الإنسانية بسبب سلوك الأممالمتحدة ويعبرون عن فقدناهم الثقة بطريقة عمل المنظمات الأممية، كما يكشفون عن رغبتهم في رؤية تغييرات في سلوك ومنهجية عملها وتعاملها مع المأساة اليمنية وسببها المتمثل في حرب الانقلاب. بدوره تساءل المحلل السياسي اليمني عبد الهادي العزعزي عن تغاضي الأممالمتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريس عن مصير الإغاثة المخصصة للسكان في المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين وتحولها إلى مجهود حربي للمليشيا وأداة لتفويج المقاتلين الحوثيين، بعد أن قامت بمصادرتها ونهبها من ميناء الحديدة ومن المنافذ المستحدثة في مداخل المحافظات الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، لافتا إلى ضعف اهتمام الأممالمتحدة بمعالجة أزمة إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية بعد أن تكررت عمليات نهبها ومصادرتها من قبل المليشيات الانقلابية باعتراف الأممالمتحدة ذاتها ومنها نهب ومصادرة المساعدات الطبية والعلاجية المخصصة لمكافحة وباء الكوليرا، متسائلا في الوقت نفسه عن مصير المساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها دول الخليج عبر الأممالمتحدة والتي تتجاوز ما نسبته 65 بالمئة من إجمالي المساعدات التي حصلت عليها الأممالمتحدة وفقا لتصريحات منسق الشؤون الإنسانية في اليمن السيد جيمي ماكغولدريك. تجاهل عبث المليشيا من جهته قال وكيل وزارة الصحة في الحكومة الشرعية الدكتور علي الوليدي ل"الرياض" إن كثيرا من عمل المنظمات التابعة للأمم المتحدة تحت إشراف المليشيات الانقلابية عبث، وأشار إلى أن المليشيا منعت في أكتوبر من العام 2016م هبوط طائرتين في مطار صنعاء الدولي كانتا تحملان تطعيمات بأكثر من مليون ونصف مليون دولار وتم إعادتها إلى جيبوتي، ولم تحرك الأممالمتحدة ساكنا تجاه ذلك، لافتا إلى أن وزارة الصحة اليمنية تنوي إجراء حملات تطعيم منتصف أكتوبر الجاري، لكن المليشيا الانقلابية تمنع خروج اللقاحات من مستودعات ومخازن مكاتب منظمات الأممالمتحدة في صنعاء، فيما المنظمات التابعة للأمم المتحدة لم تتحرك إزاء ذلك، مؤكدا على أن ممثلي تلك المنظمات يتجاهلون رسائل وزارة الصحة المتكررة والتي تطالب فيها بتوريد الأدوية الخاصة بحملات التطعيم إلى المخازن في عدن، ومنها تقوم وزارة الصحة بتوزيعها إلى جميع المحافظات اليمنية بما فيها المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين. تسييس الملف الإنساني أما المحامي القانوني اليمني فيصل المجيدي فينتقد تداخل السياسي بالإنساني في أداء الأممالمتحدة ويرى ضرورة أن تضطلع الأممالمتحدة بمهامها دون أن تؤثر التطورات السياسية في عملها على حساب الجوانب الحقوقية والإنسانية، لافتا إلى أن الأممالمتحدة في الأساس أنشئت لفض النزاعات بين الدول وركزت اهتمامها منذ إنشائها على حماية المدنيين وعلى رأسهم الأطفال والنساء. ويضيف المجيدي أن الإشكالية في تقارير الأممالمتحدة أنها تقوم على آليات لا تتوافق مع الواقع، ويرى البعض أنها تعتمد على موظفين لهم ارتباطات مع أدوات الانقلاب في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا، وبالتالي فإن هؤلاء المتعاطفين -كما يشير المجيدي- يقومون ببناء التقارير بوجهة نظر مسبقة، مفادها أن اليمن يتعرض لاعتداء، وأن الطرف الانقلابي يقوم بالدفاع عن البلاد، وبالتالي فإنه يجري تضخيم أعمال الحكومة الشرعية والتحالف العربي وتصغير جرائم الانقلابيين، علاوة على تحديد السقف الزمني للحرب واعتبارها بدأت مع انطلاق العاصفة في مارس من العام 2015، وليس من لحظة إشعال الحرب الانقلابية التي بدأت في يوليو 2014 وهو تاريخ اقتحام مدينة عمران والسيطرة على معسكرات الجيش فيها، ومن ثم اقتحام صنعاء وما قبلها وما بعدها، وما تلا ذلك من تدمير ممنهج للبلاد وقتل الأطفال والنساء من طرف الانقلابيين. وفي سياق ملاحظات الأوساط الحقوقية والإنسانية والقانونية اليمنية حول تخبط الأممالمتحدة في عهد غوتيريس واعتمادها على تقارير مضللة لمنظمات محلية حوثية متورطة في العمل ضمن اللوبي الإيراني، تتم الإشارة أيضاً إلى تجاهل الأممالمتحدة للقرارات الأممية وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي 2216 وعدم الإشارة بشكل مفصل لجرائم وانتهاكات الانقلابيين بحق الصحفيين وأهاليهم والتغاضي عن تسييس المساعدات الإنسانية من قبل الانقلابيين في مناطق سيطرتهم وعدم اتخاذ إجراءات للحد من العبث المستمر بالمساعدات وإيجاد آليات شفافة لإيصالها لجميع المحتاجين والمتضررين من حرب الانقلاب، كما تتجاهل تدمير الاقتصاد اليمني من قبل المليشيا الانقلابية وبناء سوق سوداء على أنقاضه الأمر الذي يتسبب في مفاقمة المأساة الإنسانية، ناهيك عن السكوت المثير للجدل عن تحويل ميناء الحديدة إلى قاعدة عسكرية لشن عمليات إرهابية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وغياب أي تواجد لممثلين عن الجهات الإغاثية في الميناء، وعلى الرغم من ذلك لاتزال الأممالمتحدة ترفض التفاعل مع إيصال المساعدات الإنسانية عبر موانئ أخرى ومنها ميناء المكلا وعدن وميناء المخا، وفي حين تتباكى المنظمات الأممية على الأوضاع الإنسانية في اليمن، فهي لا تفصح عن مصير المساعدات الإنسانية والأموال المخصصة بشفافية ليعرف اليمنيون أين ذهبت، ومنها أكثر من مليار وسبع مئة مليون دولار سلمها مركز الملك سلمان للأمم المتحدة كقيمة مساعدات إنسانية وإغاثية لتغطية الفجوة الغذائية والاحتياجات الإنسانية في اليمن.