أكثر ما يزيد الحيْرة في شأن فايروس كورونا الجديد، وإمكانات دحره، والاستقواء عليه بمناعة قوية أنه لا يوجد شيء قاطع بخصوص المعلومات المتعلقة به. كل يوم تصدر عشرات الدراسات. وقد يكون أكثرها متضارباً مع بقيتها. كما أن العلماء لا ينفكون يوجهون سهام انتقاداتهم لبعض تلك الأوراق البحثية. فقد رجحت بورصة وول ستريت في نيويورك -بحسب بلومبيرغ أمس الأول- أن تعجل الإدارة الأمريكية بإتاحة لقاح يقي من الإصابة بداء (كوفيد-19) قبل الثالث من نوفمبر 2020؛ وهو موعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وذلك على رغم إعلان كبير الخبراء الفايروسيين الأمريكيين الدكتور أنطوني فوتشي أنه لا يتوقع لقاحاً قبل مطلع 2021. ويبدو أن حتمية اللقاح ستكون أبرز أجندة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ إذ تريدها حملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترمب عاملاً حاسماً لتحقيق غاياتها، فيما يطمح منافسه الديموقراطي جو بايدن إلى استغلال تأخر اللقاح لتعرية أخطاء البيت الأبيض في التعامل مع جائحة كورونا، وسط انقسامات المجتمع الأمريكي بشأن عدم المساواة العنصرية في البلاد. وأشارت صحيفة (واشنطن بوست) الأسبوع الماضي إلى أن إدارة ترمب تجري اتصالات متسارعة مع شركات موديرنا، وجونسون آند جونسون الأمريكيتين، وأسترازينيكا البريطانية، وسانوفي الفرنسية بغرض التعجيل بظهور أحد اللقاحات الواعدة. وفي بريطانيا، ذكرت صحيفة (ديلي ميل) أن اللقاحين البريطانيين المتنافسين، أحدهما تقوم جامعة أكسفورد بتطويره، والآخر تطوره جامعة كينغر كوليدج، قد يتم دمجهما لإلحاق الهزيمة ب(كوفيد-19). ويبدو أن لقاح أكسفورد قطع شوطاً أبعد من منافسه؛ إذ تجري تجربته سريرياً على نحو ألف متطوع في شمالي البلاد. وقال المشرف على لقاح جامعة كينغز كوليدج البروفسور روبن شاتوك للصحيفة إن خيار الدمج ضروري، لأن لقاح أكسفورد قد لا يمكن استخدامه أكثر من مرة واحدة على الشخص، لمنح المناعة الكافية. وأضاف أنه بدمج اللقاحين سيصبح ممكناً تعزيز مناعة الفرد مرات عدة. وعزز تلك المخاوف تصريح للرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا التي ستنتج ملايين الجرعات من لقاح جامعة أكسفورد، قال فيه باسكال سوريو أمس إنه واثق من أن لقاح أكسفورد سيوفر مناعة ل«نحو سنة». ويعتقد أن اللقاحات المتاحة للأنواع الأخرى من فايروسات كورونا، التي تسبب نزلات البرد العادية، قد تبقى فترة تراوح بين أشهر عدة ونحو سنتين. وأكد البروفيسور شاتوك أن مشكلة لقاح جامعة أكسفورد تتمثل في أن المناعة التي يوفرها قد لا تدوم طويلاً. كما أن إعطاءه للشخص أكثر من مرة قد يؤدي إلى رد فعل من الأجسام المضادة على الفايروس المخلّق تخليقاً المستخدم في اللقاح. وفي ضربة جديدة لمساعي علماء اللقاحات، خلصت دراسة أجراها علماء جامعة أمستردام في هولندا إلى أن المتعافين من (كوفيد-19) قد لا تتكون لديهم مناعة من الإصابة به مرة ثانية لفترة تتجاوز ستة أشهر. وأضافوا أنهم ظلوا يراقبون 10 متطوعين، على مدى 30 عاماً، كانوا يتم تلقيحهم كل موسم ضد أنواع موسمية ضعيفة من فايروس كورونا، المسببة لنزلات البرد؛ وهي من عائلة فايروس كورونا الجديد، فاتضح لهم أن الأجسام المضادة التي تتكون لديهم ضد الفايروسات المشار إليها تنخفض بمعدل 50% بعد نحو ستة أشهر. وتختفي نهائياً بعد أربع سنوات.