يحبس العالم أنفاسه بانتظار أن يبصر لقاح كورونا النور، فمتى يمكن أن يحدث ذلك؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المرضى والأصحاء في كل بقاع الأرض، وإذا كانت التجارب السريرية على لقاحات فايروس كورونا قد انطلقت، إلا أنه يظل من الصعوبة بمكان تحديد موعد طرحه في الأسواق. وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن 35 شركة ومؤسسة أكاديمية في العالم تتنافس على إنتاج لقاح يستطيع درء خطر فايروس «كوفيد 19». وقالت الصحيفة في تقرير لها اليوم (السبت)، إن 4 من هذه المؤسسات بدأت في اختبارات اللقاحات التي طورتها، ومنها شركة «موديرنا» الأمريكية التي بدأت التجارب السريرية على البشر. وأعلنت مجموعة «سانوفي» الفرنسية أن عقار «بلاكنيل»، الدواء المضاد للملاريا الذي تنتجه، برهن عن نتائج «واعدة» في معالجة كورونا. ويرجع الفضل في السرعة الكبيرة لوصول الأدوية لمرحلة الاختبارات البشرية، إلى الجهود الصينية في تعقب تسلسل المادة الوراثية للفايروس. وكانت الصين تقاسمت المعلومات مع آخرين بشأن تسلسل المادة الوراثية في مطلع يناير الماضي، الأمر الذي أتاح للباحثين حول العالم دراسة الفايروس وكيفية غزوه للخلايا البشرية وإصابة الضحايا بالمرض. وقال الرئيس التنفيذي لتحالف الابتكارات المعدة لمواجهة الأوبئة، ريتشارد هاتشيت، إن سرعة «الشركات في إنتاج لقاح مضاد لكورونا تعتمد على استثمارهم وفهم كيفية تطوير اللقاحات السابقة ضد فايروسات عائلة كورونا السابقة». وأعلنت شركة «نوفافاكس» الأمريكية، ومقرها ولاية ميريلاند، أنها ستعيد استخدام اللقاحين المعدين لهذين الفايروسين (سارس وكورونا) لمواجهة الفايروس المستجد، قائلة إن لديها العديد من المتطوعين الذين يبدون استعدادهم لخوض التجارب السريرية. ويتشارك فايروس سارس بنحو 80 إلى 90 بالمئة من المادة الوراثية المسببة للفايروس الذي تسبب بمرض «كوفيد-19»، ويعمل تقريبا بالطريقة ذاتها على مهاجمة سطح الخلايا البشرية ثم النفاذ إلى داخلها، خاصة في الجهاز التنفسي، إذ يبدأ الفايروس في إعادة إنتاج نفسه بكميات كبيرة، ويخرج من الخلية بعد أن يقتلها. وتعمل اللقاحات التي يجري تطويرها الآن طبقا لنفس المبدأ الأساسي، وهو تقديم جزء أو كل العوامل المؤدية إلى المرض إلى جهاز المناعة البشرية، على شكل حقنة بجرعة منخفضة، وذلك لتحفيز النظام على إنتاج أجسام مضادة للمرض. ورغم أن التجارب السريرية تبدو مرحلة متقدمة بالنسبة إلى كثيرين، فإنها ليست سوى البداية، طبقا «للغارديان»، التي تقول إن التجارب السريرية التي تمت ليست سوى نقطة أولية من أجل الحصول على الموافقة التنظيمية، التي تتم على 3 مراحل. وتشمل المرحلة الأولى اختبار اللقاح على بضع عشرات من المتطوعين الأصحاء، لرصد آثار اللقاح الإيجابية والسلبية. أما المرحلة الثانية، فتشمل تجارب على مئات الأشخاص في مناطق عدة من العالم، خاصة تلك المتضررة من الفايروس، ودراسة النتائج بعناية تامة. وبعد ذلك، يتم الانتقال للمرحلة الثالثة، وهي اختبار اللقاح على آلاف المتطوعين حول العالم. وبالطبع خلال هذه المراحل، يجري استبعاد العديد من اللقاحات بعدما يتأكد مثلا أنها غير فعالة أو لها أعراض جانبية مؤذية، كما يقول بروس غلين، الذي يدير برنامج التحصين البشري بمؤسسة «سابين» للقاحات في واشنطن. ويقول أستاذ الأمراض المعدية في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة أنيليس سميث، إن العمل على إنتاج لقاح يسير بسرعة كبيرة، لكن سيعترضه الكثير من العقبات. وأضاف: «مثل معظم اختصاصيي اللقاحات، لا أعتقد أنه سيكون جاهزا قبل 18 شهرا». وبمجرد إقرار الدواء من قبل السلطات الصحية، سيكون هناك تحد أمام شركات الأدوية هو إنتاج كميات كبيرة منه تكفي الطلب العالمي عليه. وبحسب «الغارديان»، فإن الكثير من هذه الشركات ليست لديها القدرة الإنتاجية اللازمة لمواكبة هذا الطلب.