عادة ما تعج الأوساط الوظيفية بالمشاكل الناتجة عن ضعف الإدارة وتقديم المصالح الشخصية على مصلحة العمل، وكذلك الإدارة العاطفية التي تفسد البيئة الوظيفية وتحول بعض الموظفين إلى منافقين متملقين للتقرب من المدير العاطفي وكسب وده؛ إيماناً بأنه يتبع المثل الشعبي الشهير «إن حبتك عيني ما ضامك الدهر» وبالتالي لن يقع عليهم العقاب في حال تعمدهم الإهمال والتقصير، لكن من يدفع ضريبة ذلك في النهاية «مصلحة العمل والموظفين المتميزين الذين لا يجيدون التملق والتطبيل والرقص على الحبال». المدير المهووس بسماع المديح المعتاد على تقريب المتملقين مع التغاضي عن إهمالهم وتقصيرهم وسوء أدائهم على حساب مصلحة المنشأة هو غالباً شخص ضعيف المهارات وفاشل إدارياً ووصل إلى منصبه بالفهلوة والتقرب إلى فاشل سبقه إلى المنصب، ففي بعض المنشآت سلّم نظامي واضح للمناصب والترقيات والمكافآت، وسلّم خفي موازٍ له يعرفه المتملقون جيداً وتأنف منه نفوس الموظفين الشرفاء المتميزين الذين يعملون لمصلحة المنشأة لا لإشباع عواطف المدير. الأسوأ أن المدير المنتفخ بقرع الطبول على أيدي المتملقين الذي تقوده عاطفته لا يدرك غالباً أنه مجرّد مطيّة للفشلة وصيد ثمين لهم، فهم يحصلون على الترقيات والمناصب بواسطته بينما لا يأخذ منهم إلا كلاما يطير في الهواء وبمجرد تقاعده أو انتهاء خدمته لن يلتفتوا له أو يشكروه أو يستمروا في التطبيل له، لأنهم دفعوا الثمن مقدماً كلمات معدودات لا قيمة لها، بل قد يتحولون إلى هجائه وتحميله مسؤولية فشل المنشأة إن كان المدير الجديد يعتقد ذلك. من جهة أخرى لا يدرك المدير مدمن التطبيل أن سياسته تزرع لا محالة الحقد في نفوس الموظفين المميزين وتشعرهم بالظلم، وهي مسألة ترتد عليه بالخسران وربما الفضائح، إذ سيكون إسقاطه هدفاً لهم وسيعملون بجهد على تصيد الأخطاء والمخالفات التي يقع فيها هو ومطبلوه ولكم أن تتخيلوا النتيجة. إجمالاً.. لا شك في أن النفس البشرية تميل إلى سماع الإشادة والمديح والشكر، لكن المدير والقائد الحقيقي يعرف قيمة نفسه دون تطبيل من أحد ويعرف أن المديح المبالغ به لن يزيده شيئاً كما لن ينقصه هجاء الفشلة شيئاً، ويدرك أن التملق له في بيئة العمل يصح أن يوصف بالرشوة الخفيّة ولذلك يرفض أن يكون مرتشياً بالكلام المعسول أو «مطيّة» يستخدمها المتملق لتحقيق أهدافه. كاتب سعودي Hani_DH@