عنوان وفكرة هذا المقال ليست لي، ولا رأيي الخاص، كما أنها لن تتحقق على أرض الواقع خصوصاً في الوطن العربي. هذه الفكرة نشرتها إحدى أهم وأكبر الدوريات في مجال الإدارة «Harvard Business Review» مجلة «هارفارد بيسنيس ريفيو» في الأسابيع الماضية بعد أن أثرت جائحة كورونا على القطاع الصحي الخاص في أمريكا بشكل مدمر. سرحت الكثير من المستشفيات فِرَقِها الطبية وأغلقت أبوابها ولم تستطع تحمل الضغوط الاقتصادية للجائحة. ويبني كاتبا المقال الأستاذان في جامعة كورنيل الشهيرة فكرتهما على أنه كما هناك خاسرون هناك كاسبون في أي موقف. الطرف الخاسر المستشفيات في هذه الحالة التي حققت انخفاضا في الدخل يصل إلى70٪، وذلك لصدور تعليمات على مستوى العالم بمنع الخدمات غير الضرورية، وتخوّف المرضى من الذهاب إلى المستشفيات، فضلاً عن منع التجوال. في المملكة، المستشفيات عادة تحقق أرباحاً أقل من 10٪ (ما عدا عددا قليل من المستشفيات الكبيرة المطروحة في البورصة والتي تحقق أرباحاً أعلى من 20٪) ولكنها ستحقق خسائر هذا العام وربما في 2021. وعدد منها ربما سيُغلق. والطرف الفائز حسب رأي الكاتبين هي شركات التأمين التي لن تدفع أي مطالبات (بسبب عدم استخدام المرضى للخدمات) رغم استحقاقها أقساط التأمين (حتى وإن لم تُدفع في موعدها من العملاء ولكن ما زالت مستحقة وواجبة الدفع). وبالتالي فإن شركات التأمين سوف تحقق هذه السنة أرباحاً عالية بخلاف معدلات الأرباح المنخفضة عادةً. وكاتبا مقال HBR اقترحا أن تمنح شركات التأمين جزءا من أموال وثائق التأمين للمستشفيات لإنقاذها من الإفلاس. ومنطقهم أن هذه الأموال كانت ستدفع للمستشفيات ما لم تحدث الجائحة، وأنها مجرد أرباح غير مستحقة. وأن دفع جزء منها (جزء وليس الكل) لمقدمي الخدمات الصحية في صورة دعم للطواقم الطبية التي تضحي بحياتها في الحرب على كورونا هو أمر أخلاقي قبل أن يكون اقتصادياً. في أمريكا يمكن أن يُصدر قانون يحقق هذه الفكرة، ولا أتوقع أن يحدث ذلك في الوطن العربي. إذن ماذا تريد مستشفياتنا؟ نعود إلى أمريكا حيث انضم القطاع الصحي الخاص إلى قائمة الصناعات التي ستحصل على دعم انقاذ مالي مباشر (وليس قروضا) من الدولة بحوالى 100 مليار دولار، حتى تستمر في العمل، شأنها شأن شركات الطيران وغيرها من القطاعات الحساسة. هذه الفكرة ربما ستكون صعبة لدينا، إذن ما الحل؟ من وجهة نظري، الحل في دعم الدول للقطاع الصحي الخاص الذي يواجه الجائحة مع القطاع الحكومي كتفاً بكتف ولا يتمتع بالحماية التي يتمتع بها القطاع الحكومي، رغم أن القطاع الصحي الخاص يواجه انخفاض الدخل بشكل كبير ويقابله ثبات في تكاليف العمالة الأجنبية والتي تشغل بشكل أساسي هذا القطاع الحيوي، والتي للأسف لم يشملها أي دعم من قبل الجهات المعنية بالإضافة إلى أنها تواجه خروج العمالة الأجنبية، وهذا أيضا ينعكس على ارتفاع التكاليف وضغط مادي ومعنوي بالإضافة لضغط الجائحة، وهذا لا بد أن يُقابل بدعم في اتجاهين؛ دعم مباشر لدفع الرواتب وسداد مستحقات شراء الخدمة بشكل أسرع بكثير من القطاعات الأخرى، ودعم غير مباشر بإلزام شركات التأمين بدفع المستحقات بوتيرة أسرع من السابق. هذا الدعم واجب وضرورة لإنقاذ المستشفيات الخاصة من الإفلاس والخروج من السوق ومن هنا أثني على معظم شركات التأمين «الوطنية» (شبه الحكومية منها خاصة) التي يتميز قادتها بالوعي الوطني في دعمهم المعنوي والمادي للمستشفيات الخاصة في هذا الظرف العصيب. كاتب سعودي hazemzagzoug@