بعد 24 ساعة من نسف منظمة الصحة العالمية الفرضية المجمع عليها، التي تذهب إلى أن المصاب بفايروس كورونا الجديد، الذي لم تظهر عليه أي أعراض، يمكن أن ينقل العدوى إلى عدد كبير من البشر؛ تراجعت المنظمة عن مشورتها، بعد انتقادت قاسية من علماء جامعة هارفارد (الثلاثاء). وكانت مديرة وحدة الأمراض الناشئة بالمنظمة ماريا فان كيرخوف ذكرت، في مؤتمر صحفي (الإثنين) أن خطر نقل العدوى بتلك الطريقة «نادر جداً». وأضافت: لا يزال من النادر قيام شخص مصاب من دون أعراض بتمرير العدوى لشخص آخر. وأوضحت أن معلوماتها مستمدة من بيانات مفصلة عن الاتصال التتبعي في عدد من الدول. وقال علماء هارفارد إن البيانات المتوافرة تؤكد أن الأشخاص المصابين بلا أعراض يمكنهم تمرير العدوى الفايروسية للآخرين. وقالت منظمة الصحة العالمية إن ثمة «سوء فهم» لما قالته الدكتورة كيرخوف، وهي أمريكية. وأضاف علماء معهد الصحة العالمية بجامعة هارفارد أن تصريح المنظمة «مثير للارتباك». وفيما تؤكد الدراسات السائدة أن المعركة لصد الفايروس ستكون صعبة جداً، بسبب الخطر الذي يجسده المصابون بلا أعراض؛ وآخرها دراسة نشرتها مجلة نيو إنغلاند للطب في 28 مايو الماضي، تحذر من أن تفشي الفايروس من خلال المصابين بلا أعراض يمثل «كعب أخيل» لجهود مكافحة الوباء؛ قالت كيرخوف إنه يجدر بالبلدان أن تتابع حالات المصابين الذين لديهم أعراض الوباء، وليس العكس. وقالت: لو تتبعنا الحالات المصابة ذات الأعراض، وقمنا بعزلهم، وتتبعنا مخالطيهم، وحجرناهم؛ فإن ذلك سيقلص التفشي بدرجة كبيرة. وذكرت أن البيانات التي تملكها المنظمة من دولها الأعضاء تشير إلى أنه تم تتبع مخالطي الحالات المصابة دون أن تظهر عليها الأعراض، ولم يتم العثور على مخالطين أصيبوا. لكن علماء هارفارد قالوا (الثلاثاء) إن تلك البيانات لم يتم تقاسمها مع المجتمع الأكاديمي. ونسبت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أمس إلى مدير معهد الصحة العالمية بجامعة هارفارد الدكتور أشيش جها قوله إن شخصاً من نحو كل خمسة مصابين بكوفيد-19 لا تظهر عليه أعراض بتاتاً. لكنه قال إن ثمة دلائل متوافرة على أن هذا النوع من المصابين يستطيع تمرير العدوى إلى من يخالطونه. وكان مدير مراكز الحد من الأمراض الأمريكية الدكتور روبرت ريدفيلد قال في أبريل الماضي إن السبب في استمرار تزايد الإصابات بكوفيد-19 في الولاياتالمتحدة، على رغم سياسات الإغلاق والتدابير الاحترازية الأخرى هو أولئك المصابون الذين لا يعانون أعراضاً. وقال الدكتور جها إن على الناس اتباع الإرشادات بشأن ارتداء قناع الوجه (الكمامة)، والتباعد الجسدي، وغسل اليدين باستمرار. وأضاف أنه يتوقع أن تتراجع منظمة الصحة العالمية عن تصريحات كيرخوف خلال 24 ساعة. وهو عين ما حدث. وقالت كيرخوف إن تصريحها فُهم خطأ، وإنها أشارت إلى دراستين أو ثلاث دراسات تشير إلى أن نقل العدوى من المصابين بلا أعراض نادر. وزادت: كنت فقط أرد على سؤال. ولم أعلن سياسة جديدة من المنظمة. وذكرت أن الدراسة التي استندت إليها تؤكد أن نحو 16% من السكان مصابون بالفايروس وليس لديهم أعراض المرض. وأضافت أن هناك دراسات أخرى تشير إلى أن نحو 40% من الإصابات بفايروس كورونا الجديد انتقلت عدواها من أشخاص مصابين لكن لم تظهر لديهم أعراض. وكانت منظمة الصحة العالمية غيرت (الجمعة) سياستها بشأن ارتداء الكمامات. وطبقاً لفان كيرخوف (الثلاثاء)، فإن المصابين بأعراض ومن دون أعراض هم جزء من «دورة العدوى». ولكن لا أحد يعرف على وجه التأكيد أي النوعين من المصابين أكثر إسهاماً في استدامة الوباء.