ربما يكون الأشخاص الذين أصيبوا بالفايروس القاتل الذي ظهر في السعودية العام الماضي انتقلت لهم الإصابة من الإبل وحيدة السنام التي تستخدم في المنطقة من أجل اللحوم والحليب والنقل والسباقات. وفي دراسة عن الحيوانات التي قد تكون"مصدراً للعدوى"، ما أدى إلى انتشار المرض بين البشر، قال علماء إنهم رصدوا أدلة قوية على أن الفايروس واسع الانتشار بين الإبل العربية وحيدة السنام في منطقة الشرق الأوسط. وظهرت أعراض متلازمة الفايروس التاجي التنفسي الشرق أوسطي ميرز الذي يسبب السعال والحمى والالتهاب الرئوي على أشخاص في الخليج وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتونس وبريطانيا. وتقول منظمة الصحة العالمية إن 46 شخصاً لاقوا حتفهم من بين 94 حالة إصابة مؤكدة معظمها في السعودية. وقال شانتال روسكين من المعهد الوطني للصحة العامة والبيئة في بيلتوفن بهولندا الذي أشرف على الدراسة:"مع استمرار ظهور حالات بشرية جديدة للإصابة بميرز من دون أي أدلة على مصادر العدوى باستثناء الأشخاص الذين انتقلت لهم الإصابة من مرضى آخرين تشير هذه النتائج الجديدة إلى أن الإبل العربية وحيدة السنام قد تكون أحد مصادر العدوى". وأضاف:"هناك أنواع مختلفة من المخالطة بين البشر وهذه الحيوانات قد تؤدي إلى انتقال الفايروس". وأشاد خبراء لم يشاركوا في الدراسة بهذه النتائج باعتبارها خطوة رئيسة نحو حل اللغز والسيطرة على الفايروس في نهاية المطاف. ورحبت منظمة الصحة العالمية بالدراسة، لكنها قالت إنها لم تقدم أي فكرة عن كيفية إصابة البشر. وقال المتحدث باسم المنظمة طارق جاسرفيتش، إن معظم المصابين بالمرض أصيبوا من خلال مخالطة أشخاص آخرين. وقال في مؤتمر صحافي في جنيف أمس الجمعة:"ما أظهرته هذه الدراسة هو وجود الأجسام المضادة في الإبل، ويعني ذلك أن الإبل أصيبت في لحظة ما من الزمن، وأنها أفرزت أجساماً مضادة". وأضاف:"الآن نحن في حاجة لأن نعثر على الفايروس ذاته وليس الأجسام المضادة كي نتأكد أن هذا هو الفايروس التاجي ميرز". وقال:"إنه ربما تكون أنواع أخرى من الحيوانات أصيبت أيضاً". وقال جاسرفيتش:"ومن ثم فإنها الدراسة تعطينا فكرة واتجاهاً ما لنمضي فيه لكننا لا نعرف إلى الآن ما هو مصدر الفايروس والأهم أننا لا نعرف بعد أي نوع من التعرض يجعل البشر مصابين". وبعد أيام من التعرف على الفايروس الجديد في أيلول سبتمبر في مريض قطري بمستشفى في لندن، توصل علماء بريطانيون إلى تسلسل جزء من الجينوم، ورسموا الخريطة الجينية الخاصة بالفايروس، وخلصوا إلى أنه يرتبط بفايروس اكتشف في الخفافيش. وأشارت أبحاث أخرى لعلماء في جامعة بون بألمانيا إلى أن الفايروس ربما جاء من خلال حيوان وسيط بعد أن أجروا دراسة مفصلة لحالة مريض من قطر قال إنه يمتلك مزارع للجمال والماعز. وقال بنيامين نيومان وهو باحث في علم الأحياء الدقيقة بجامعة ريدينج في بريطانيا:"يبدو هذا تقدماً كبيراً يحتاج إليه العاملون في مجال الصحة العامة لمكافحة انتشار ميرز". وأضاف:"كان أكبر لغزين، كيف يصاب الناس بفايروس من الخفافيش؟ ولماذا يحدث ذلك في الشرق الأوسط. ومن خلال إظهار أن الإبل لديها تاريخ من إصابات تشبه ميرز فربما يكون هؤلاء العلماء ساعدوا في الإجابة على السؤالين في آن واحد". وجمع فريق البحث الهولندي الذي نشرت دراسته في دورية لانست للأمراض المعدية 349 عينة دم من مجموعة متنوعة من الماشية، بما في ذلك الإبل والأبقار والأغنام والماعز وبعض الحيوانات المرتبطة بالإبل وحيدة السنام. وكانت هذه الحيوانات من دول مختلفة عدة شملت سلطنة عمانوهولندا وإسبانيا وتشيلي. ولم يعثر على أجسام مضادة للفايروس في عينات الدم المأخوذة من 160 حيواناً من الأبقار والأغنام والماعز من هولندا وإسبانيا، ولكن عثر على الأجسام المضادة في جميع العينات الخمسين المأخوذة من الإبل في عمان. وقال الباحثون إن عينات عمان جاءت من مناطق مختلفة، ما يشير إلى أن ميرز أو فايروساً مماثلاً للغاية ينتشر على نطاق واسع بين الإبل بالمنطقة. وخلص نيومان إلى أن الأجسام المضادة أظهرت أن الإبل في الشرق الأوسط ربما تكون قد أصيبت بفايروس يشبه ميرز. وقال:"هناك بعض الأدلة غير الموثقة على أن أناساً أصيبوا بميرز بعد الاتصال بإبل مريضة، لكن هذه هي أول أدلة قوية على أن الإبل ربما تكون الحلقة المفقودة في سلسلة انتقال العدوى".