عندما تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يوم 24 مارس الماضي عن تداعيات جائحة كورونا، تسمّر الشعب السعودي أمام شاشات التلفزة ليستمعوا للخطاب الملكي الذي تحدث فيه الملك سلمان بشفافية وصراحة. لقد مرت المملكة خلال الأشهر الأربعة الماضية، وهي المرحلة التي تفشت فيها جائحة كورونا في العالم والمملكة، بمراحل ودرجات مختلفة من التعامل مع الوباء وكان الشعار الأساسي للجميع هو «كلنا مسؤول» في ذروة الوباء، وتم تكريس مبدأ التحوط والاحتراز. والالتزام والتقيد الكامل بالإجراءات الوقائية وفق ترتيبات محكمة من خلال وزارة الصحة والداخلية وكافة القطاعات المعنية بالتعامل مع إدارة الأزمة، والحد من انتشارها حيث تم بدء تطبيق إجراءات الإغلاق وتشديدها رويداً رويداً بحسب المعلومات والمعطيات التي وفرتها وزارة الصحة لصناع القرار، إلى أن وصلنا إلى فترة شهر رمضان الماضي الذي شهد معظم أيامه إغلاقاً كاملاً، حتى تم تخفيف الإجراءات في العشر الأواخر وذلك لتمكين المواطنين من قضاء احتياجاتهم لفترة العيد وكان هذا التخفيف قراراً. من القيادة لتفهمها لأوضاع المجتمع السعودي رغم ظروف الجائحة الصعبة؛ بيد أن السلطات المعنية اضطرت للإغلاق الكامل طيلة ايّام العيد الأربعة؛ وهي بلا شك كانت مرحلة صعبة وقراراً مؤلماً، إلا أنه اتخذ وفقاً للمعطيات الاستراتيجية للحفاظ على صحة وسلامة الإنسان.. عقب ذلك دخلت مرحلة التخفيف مرحلة جديدة عندما قررت الدولة تخفيف الإغلاق من 5 شوال الجاري وحتى ال 8 من شوال وفي تلك الأيام شاهدنا جميعاً حالة الاستهتار والتهاون غير المسبوقة داخل المجتمع، ثم بدأت العودة التدريجية اعتباراً من 8 شوال حتى أمس الأول (الجمعة) حيث اضطرت الجهات المعنية في العودة إلى شبه الإغلاق الكامل بسبب الارتفاع الشديد في الحالات الحرجة وعدد الإصابات المتزايدة؛ بسبب عدم التزام أفراد المجتمع السعوديين والمقيمين على السواء بالأنظمة والتعليمات وشاهدنا حجم التجمعات في المناطق البحرية والأماكن العامة.. رغم إطلاق شعار «العودة بحذر.. والتوعية الشديدة من خطر هذه الجائحة وما تترتب عليها». منذ بداية جائحة كورونا والسعودية تقدم دروساً في كيفية التعامل مع هذه الأزمة التي غيرت العديد من المعطيات سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وصحياً، ورأينا المتابعة الدقيقة للجائحة بدقة وعناية، والحرص على سلامة الإنسان في أبهى صورها من القيادة الحكيمة، حيث كانت البداية برصد الجائحة قبل انتشارها من خلال تشكيل لجنة عُليا تتابع وترصد وترفع التوصيات بشكل سلس... اليوم تدخل الجائحة مرحلة دقيقة وحساسة جداً مع ارتفاع حالات الإصابة ليوم أمس إلى أكثر من 3 آلاف إصابة ووفاة 34 شخصاً مع إعلان السلطات المعنية أنها تراقب الموقف في مدينة الرياض مع ارتفاع حالات الإصابة فيها إلى 900 إصابة. لقد بذلت القيادة الرشيدة كل ما في وسعها وقدمت الغالي والرخيص بلا مَن لتطويق الجائحة وجاء الآن دور المجتمع السعودي الذي يعتبر جوهرياً للتكامل وعدم الاستهتار والتهاون، لأن أي تهاون سيقابل ب «الحزم أبو اللزم».