تعود صباح اليوم الحياة إلى طبيعتها لساعات محدودة من ال6 حتى ال3 ظهراً تخفيفاً على الناس إثر أيام من الحجر الصحي العام، واستعدادا لعودة المؤسسات الحكومية والاقتصادية لممارسة نشاطها في ظل تأكيدات رسمية على الالتزام بالضوابط والاحترازات واستمرار استدعاء هاجس العدوى تفادياً لانتشار عدوى فايروس كورونا مجدداً. وبما أن العاقل من اتعظ بغيره، وبحكم أن التجارب البشرية السابقة مع الأوبئة تعطي نموذجاً لارتدادات الوباء بشراسة ومهاجمة المجتمعات بقوة مضاعفة، شأن وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، فالمدن والعواصم التي حسمت أمرها باستمرار منع التجول وتطويل مدة البقاء في المنزل وعزل أفرادها كانت الأقل وفيات والأكثر تعافياً بدنياً واقتصاديا دون حاجة إلى معالجات دوائية. ولم تأل وزارة الصحة والجهات المعنية بالتوعية جهداً في التحذير من موجات عدوى محتملة في حال إهمال مبدأ التباعد ومباشرة التحركات والتسوق دون الأخذ في الحسبان احتمال عودة الجائحة كون المعطيات جميعها ترجح استمرار الجائحة ونشر العدوى، وتعول على الوعي وثقافة الفرد والأسرة في المجابهة بالتباعد الاجتماعي والتخفيف من الزيارات والعناية بالنظافة ما يحجم آثار موجة الارتداد المحتملة بصورة كبيرة. وتؤكد أحداث الإنفلونزا الإسبانية أن موجتها الثانية كانت أعظم أثراً من الأولى وتداعياتها أسوأ كون بعض المجتمعات تساهلت في الإجراءات الوقائية ما ضاعف أعداد المصابين وتزايدت الوفيات ودفع أبرياء حياتهم ثمناً لصفاقة وحماقة بعض المتهورين المتهاونين بالإرشادات والتعليمات والتعامل معها بشيء من الاستهتار واللامبالاة. وإذا كانت نفوس البعض طامحة لتعويض أيام منع التجول بكسر كل المحاذير لجائحة كورونا، فإن إيثار السلامة والتروي والتعامل بحيطة سيحقق نجاة المواطن والمقيم وعودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في أمن وطمأنينة دون تكبد معاناة أطول، في ظل توجيه الدولة وتوضيح وزارة الصحة باستمرار الجائحة، إذ لم يرد رسمياً ما يؤكد انتهاء فايروس كوفيد-19 وقطع دابره. ويؤكد طبيب الأسرة والمجتمع الدكتور محمد أشرف أن المسؤولية الكاملة عن العدوى يتحمل المواطن والمقيم الحصة الأكبر منها، وحذر من الاندفاع للتلاقي والاجتماعات وشعور البعض أن الوضع آمن، مؤكداً ضرورة استمرار لبس الكمامة والقفازات وتجنب المصافحة والحرص على التباعد والنظافة الشخصية حتى يرد من الدولة ما يشعر المواطنين بانتهاء الأزمة.