لا شك أن التجارة الدولية باتت اليوم عصب الحياة ونبضها الذي يربط كل جزء من أجزائها بالآخر في شتى المجالات، وهي طابع الحياة العصرية ووقود الاقتصاد العالمي، وحجم التبادل التجاري والاقتصادي بين الدول يفوق المليارات سنوياً في تبادل الصادرات والواردات الدولية، وفي سبيل ضبط هذه العملية وتنظيمها لا بد من قانون تجاري دولي ينظم عملية التبادل التجاري بين الدول وأنظمتها المختلفة، يشتمل على عقود البيع الدولية بأنواعها، والنقل الدولي وتأمين نقل البضائع الدولي، وغيرها من أنظمة التجارة الدولية، كما يتضمن القواعد والإجراءات المنظمة لعمليات الدفع والشراء وخطابات الاعتماد المالية، وجزء مهم من قانون التجارة الدولية يتضمن البحث في أحوال القوة القاهرة والظروف الطارئة ووصفها وتحديد آثارها على العقود التجارية الدولية كما سنشير إليه في أنظمة ومعاهدات التجارة الدولية التي تطرقت لها بشكل ينبئ عن اهتمام المنظمين والمشرعين الدوليين لاحتمالية التعرض لمثل هذه الأحوال الاستثنائية خصوصا في النقل الدولي وعمليه التبادل التجاري الدولي. منها العقد التجاري الدولي. ويتميز العقد التجاري الدولي بمعيارين أساسيين هما: المعيار القانوني، بحيث ترتبط عناصره القانونية بأكثر من نظام قانوني أو بعدة دول، وتختلف هذه العناصر موضوعيا إذا كانت دولة الإبرام غير دولة التنفيذ، أو شكليا كاختلاف جنسية المتعاقدين أو موطنهم. والمعيار الاقتصادي أو المالي، وهو مرتبط بالمعيار القانوني، ويميز العقد التجاري الدولي بكونه ينشئ تعاملات مالية دولية بين عدة دول وانتقال أموال تحكمها أنظمة التجارة المالية الدولية. وعقود البيع الدولية تظهر في شكلين أساسيين: عقود البيع الدولي للبضائع والعقود الدولية لتقديم الخدمات مثل بناء المنشآت وتشغيلها، وتمثل هذه العقود الأداة النظامية التي تستخدمها الدول في تنفيذ أعمال التجارة الدولية. يقوم المصدّر الدولي بتنفيذ هذه العقود من خلال بيع البضائع مباشرة للمستورد الدولي، أو ربما يختار المصدر الدولي أن ينشئ تجارة دولية خارجية لإدارة أعماله من خلال وكلاء محليين في بلد المستفيد فيما يعرف بالامتياز، أو عبر فروعه ومكاتبه الدولية، أو عبر الموزعين المعتمدين أو الشركات الفرعية للشركة الأم بالمقر الرئيسي. وهناك نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة في أنظمة ومعاهدات التجارة الدولية التي تميزت التجارة الدولية بقوانينها ومعاهداتها التنظيمية لكافة مراحل عملية التبادل التجاري منذ الاتفاق والمفاوضة الأولية وإنشاء العقود إلى نقل البضائع وأدوات الشحن كبوليصة الشحن، وتأمين البضاعة وصولا إلى بلد المستورد وتسليم الشحنة وما يلزمها من وثائق اعتماد بلد المنشأ ووثائق سلامة المنتج، ووثائق الاعتماد المالي ووسائل الدفع والائتمان. ولم يغفل القانون التجاري الدولي اعتبار نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة والإشارة إليها كبند أساسي تفسيري في العقود التجارية.