خلصت دراسة سعودية أجرتها (شركة يماني) إلى إن جائحة كورونا تعد ظرفًا استثنائيًا طارئًا لا يؤثرعلى عقود العمل، مشددة على ضرورة التفريق بين القوة القاهرة، التي تتيح فسخ العلاقة التعاقدية والظرف الطارئ لتأثيرهما المغاير على العقد. وأوضحت الدراسة أن النظام القانوني في المملكة تبنى نظرية القوة القاهرة وشملها في عدة أنظمة قانونية، كنظام الاستثمار التعديني، ونظام الطيران المدني، ونظام الإيجار التمويلي، والنظام البحري التجاري، ونظام المحكمة التجارية، ونظام التجارة الإلكترونية، ونظام العمل، ووفقًا للدراسة قيدت وزارة الموارد البشرية استخدام حق إنهاء عقد العمل، ولا يحق للمنشآت أن تتذرع بالقوة القاهرة لتنهي العلاقة مع موظفيها، ما لم يثبت تأثرها المباشر ولكن يحق للمنشآت التي لم تصل مواردها المالية لحد الإرهاق للدرجة المستحيلة عند تنفيذ التزاماتها، أن تلجأ إلى توزيع الأعباء المالية على أطراف عقد العمل، في إشارة إلى الإجازات وتقليص الراتب حسب ساعات العمل، وأشارت الدراسة التي أجرتها شركة (يماني) (أحمد زكي يماني محامون ومستشارون قانونيون) بعنوان «جائحة كورونا وأثرها على عقد العمل في نظام العمل السعودي والقانون المقارن»، إلى أن معظم تشريعات الدول تضمنت نظرية عدم جواز التعسف في استعمال الحق، وطبق المنظم السعودي في المادة ۲۰ من نظام العمل المبدأ العام المتعلق بذلك فنص على أنه «لا يجوز لصاحب العمل أو العامل أن يقوم بعمل من شأنه إساءة استعمال أحكام هذا النظام أو القرارات واللوائح الصادرة، وتستقل المحاكم العمالية بسلطة تقدير التعسف الواقع من عدمه»، وأشارت الدراسة إلى أن إنهاء العقد من جانب صاحب العمل قبل اكتمال مدته يجعل للعامل الحق بالمطالبة في حصوله على باقي رواتبه عن مدة العقد التي لم يعمل بها دون أن يؤثر ذلك على قاعدة أن الأجر مقابل العمل وخاصة إذا كان سبب عدم قيام العامل بعمله راجعًا لصاحب العمل، واتخذت المملكة ومعظم دول العالم الصناعية إجراءات من شأنها تفادي صرف العاملين، لكي لا تقع الشركات والمؤسسات في فخ الاستناد إلى القوة القاهرة أو الظرف الطارئ وكذلك نظرية الجوائح ونظرية العذر في الفقه الإسلامي، والتعلل باللجوء إلى تلك النظريات للتحكم في الأحداث المفاجئة التي تقع أثناء تنفيذ العقود، ولفتت الدراسة إلى عدة مقارنات مع النظام السعودي، فأشارت إلى المادة ۷۲ من قانون المعاملات المدنية الإماراتي التي تنص على «ينقضي الحق إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب خارجي، أو قوة قاهرة لم يتوقعها الإنسان أو يستطع التغلب عليها، وتكون عادة من أفعال الطبيعة، مثل الفيضانات والعواصف والجوائح وكذلك الحال في القانون المدني الفرنسي (۱۱)، والقانون المديني الألماني (۱۳) وفيما يتعلق بالقانون الأمريكي وفي ظروف محدودة، سمحت المحاكم التي تطبق قانون نيويورك للأطراف الاستناد إلى القوة القاهرة في حالات السببية غير المباشرة، كتأخير الشحن الناتج عن الازدحام الناجم عن الإعصار، بدلاً من الإعصار نفسه. 7 مبادرات لدعم التوظيف تطرقت الدراسة الى 7 مبادرات لدعم القطاع الخاص منها رفع الإيقاف الخاص بحماية الأجور وعدم دفع الغرامات المتحصلة وتصحيح النشاط، كما اطلقت مبادرة لاحتساب توظيف السعودي في نطاقات بشكل فوري لكل المنشآت و إيقاف الغرامات الخاصة باستقدام العمالة و إتاحة إعارة العاملين عبر برنامج أجير لتسهيل إجراءات العمل وتخفيف الأعباء المتعلقة بالقوى العاملة. 4 شروط لتطبيق معيار القوة القاهرة لفسخ التعاقد عرفت الدراسة القوة القاهرة بأنها الصعوبات الاستثنائية التي تواجه المتعاقد عند تنفيذ العقد، ولم تدخل في حسابهما وتقديرهما عند التعاقد، وتحعل التنفيذ أشد وطأة على المتعاقد وأكثر كلفة، ويشترط النظام القانوني في المملكة عدة شروط لكي تتحقق ذلك وهي أن تكون حادثة مفاجئة عامة ذات طبيعة مادية كظواهر طبيعية، الزلازل، الفيضانات والسيل المدمر، وأن لا تكون تلك الصعوبات من عمل أحد طرفي العقد وأن تكون غير متوقعة عند إبرام العقد وذات طابع استثنائي بحت، ولفت إلى تشدد قضاء المملكة في قبول تطبيق عناصر القوة القاهرة على الدعاوى التي يتذرع أحد أطرافها بها، كما قضي بأن فصل العامل بسبب تدهور الوضع المالي لصاحب العمل مع عدم إثبات ذلك يجعل الفصل قد تم بغير سبب، وأشارت الدراسة إلى أن جوهر التفريق بين نظرية القوة القاهرة والظروف الطارئة هو استحالة التنفيذ النسبية أو المطلقة، فإذا تحققت الاستحالة بشكل نسبي، فلا يعد من القوة القاهرة، وإنما من الظروف الطارئة، واشارت الى أن الظروف الطارئة التي سببها انتشار فيروس کرونا، تجعل من تنفيذ العقد في أغلب الأحوال إلى الإرهاق وليس الاستحالة، والأصل أن تعديل العقد لا يتم إلا باتفاق إرادتي المتعاقدين، وأشارت إلى أنه بموجب الأمر الملكي الأخير، يحق لصاحب العمل بدلا من إنهاء عقد العمل السعودي أن يتقدم للتأمينات الاجتماعية بطلب صرف تعويض شهري للعاملين لديه بنسبة 60% من الأجر المسجل في التأمينات الاجتماعية لمدة ثلاثة أشهر، بحد أقصى تسعة آلاف ريال شهريًا، وبقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال، ووضع الأمر حماية قصوى للسعوديين في فقرة أساسية منه لا تسمح لصاحب العمل بإنهاء العقد إذا ثبت أنه قد انتفع بأي إعانة من الدولة لمواجهة تلك الحالة، وبالتالي المنشأة التي حصلت على دعم ساند لا يمكنها فصل السعوديين وفقا للمادة 74، أما المنشآت التي لم تقدم أو تستفيد من دعم ساند فلا يمكنها اللجوء إلى الفصل لعدم تحقق القوة القاهرة.