لا يزال العالم يلهث وراء لقاح يمنع الإصابة بمرض كورونا المستجد، فيما تستمر تجارب سريرية في أنحاء العالم لاختبار عقاقير يعتقد بأنها يمكن أن تجدي في علاج المصابين بالفايروس. وتجري حالياً دراسات معمّقة لاكتشاف لقاح. وما يبشر أن خمساً منها تجاوزت طور التجارب المخبرية، لتدخل مرحلة التجارب على الإنسان. ويأتي في المقدمة اللقاح الذي طوره علماء جامعة أكسفورد في بريطانيا. والقاعدة العامة أن تطوير لقاح لأي مرض يستغرق عادة ما لا يقل عن خمس سنوات. وتحتوي اللقاحات عادة على جزيئات من سطح الفايروس. ويجب أن يخضع اللقاح لثلاث مراحل مهمة من التجارب السريرية لتحديد مدى مأمونيته. وتجرى تجارب محدودة في البداية لتحديد مأمونية اللقاح، تعقبها تجارب موسعة لمعرفة الجرعة الملائمة لتحقيق المفعول المنشود من اللقاح. وكان التوصل إلى مصل للحصبة استغرق نحو 50 عاماً منذ معرفة بدء تكون أجسام مضادة لدى المتعافين حتى تطوير المصل فعلياً في عام 1963. ويقول العلماء إنهم يقدرون حاجة العالم للقاح بأسرع وقت ممكن، لكنهم لا يستطيعون تجاوز المراحل المهمة المتعلقة بالمأمونية، والجرعة الملائمة. وذكرت هيئة تنظيم المنتجات الطبية والصحية البريطانية، المسؤولة عن تحديد مأمونية الأمصال قبل إقرارها، أنها لن تتهاون في مسائل السلامة مطلقاً. وتقوم نظرية اللقاح على أن الجسم يقاوم الفايروس أو البكتيريا من خلال أجسام مضادة. والأجسام المضادة هي عبارة عن بروتينات تملك «ذاكرة»، بحيث إنه عندما يتسلل الفايروس لمهاجمة الجسم مرة أخرى، فإنها تتعرف إلى الفايروس أو البكتيريا، وتوجه نظام المناعة بمهاجمته. ويقوم اللقاح بنسخ تلك الطريقة. وتقود فريق البحث عن اللقاح في جامعة أكسفورد عالمة اللقاحات البروفيسور سارة غيلبرت (58 عاماً). وقد اكتسبت خبرة كبيرة من العمل في وقت سابق على تطوير لقاح لفايروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس). وقد بدأت التجارب البشرية على هذا اللقاح في 23 أبريل الماضي. ويأمل الفريق المطور بتلقيح 510 متطوعين، تراوح أعمارهم بين 18 و55 عاماً. وإذا جاءت النتائج مشجعة، فستتم تجربة المصل على 5000 متطوع آخر، بينهم عدد من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 70 عاماً. وتقول البروفيسور غيلبرت إن بالإمكان معرفة نجاح اللقاح أو إخفاقه بحلول مطلع يونيو القادم. وفي الصين، ذكرت شركة صينية أنها جربت بنجاح لقاحاً صنعته على عدد من القرود المخبرية. لكن العلماء يقولون إن القرود لا تستجيب للقاح بالطريقة نفسها لدى البشر. كما سبق أن أعلنت شركة بريطانية-نرويجية الأسبوع الماضي أنها طورت قرصاً يقوم بمهمة اللقاح، ويحتوي القرص على الحمض النووي الريبي الخاص بفايروس كورونا الجديد. وأوضحت شركة ستابيليتيك بيوفارما أنها ستبدأ تجارب سريرية على قرصها في يونيو القادم، إذا تمكنت من الحصول على 6 ملايين جنيه إسترليني لإجراء تلك التجارب. وإذا نجحت التجارب، فسيكون القرص بمتناول أفراد الجمهور اعتباراً من نهاية 2020. ومن اللقاحات الواعدة، تجارب تجريها جامعة إمبريال في لندن، تحت إشراف البروفيسور روبن شاتوك (57 عاماً). وقد بدأ فريقه التجارب على الحيوانات المخبرية في 10 فبراير الماضي. وستبدأ التجارب السريرية خلال الصيف. وعلى النقيض من لقاح جامعة أكسفورد، فإن لقاح فريق جامعة إمبريال في لندن يقوم على تجهيز لقاح اصطناعي، لا يتضمن أي جزيئات من الفايروس الحقيقي. ويقول العلماء إن هذه هي المرة الأولى في العالم التي يستخدم فيها فايروس اصطناعي يتم تجهيزه في المختبر لتحقيق الغاية المنشودة. ويضيفون أنهم ليسوا متفائلين إزاء إمكان نجاح هذه الفكرة. ومن الأخبار العلمية المهمة أمس، اكتشاف العلماء الأمريكيين حدوث تحورات في فايروس كورونا الجديد بولاية أريزونا. وقال العلماء إنهم لاحظوا التحور نفسه على فايروس «سارس» الذي اندلع في 2003. وزادوا أنهم اكتشفوا في عينات من فايروس كورونا الجديد أخذت من 382 مصاباً بكوفيد-19 في الولاية غياب أجزاء مهمة من المادة الوراثية الخاصة بالفايروس. وأضافوا أن هذا التحور يحرم الفايروس من قدرته على تحقيق أضرار كبيرة بالمصاب، إذ إن الالتهاب الذي ينجم عن الإصابة به يصبح ضعيفاً إلى حد ما. وأشاروا إلى أن ذلك حدث لفايروس سارس، بحيث إنه بعد خمسة أشهر فقط من اندلاعه في آسيا لم يعد قادراً على إحداث إصابات جديدة، واعتبرته السلطات الصحية ملفاً مغلقاً منذ ذلك الوقت.