منذ نوفمير 2012 والرواق العثماني في المسجد الحرام يعتبر من المواضيع الساخنة في الإعلام التركي، فقد نشرت تخمينات حينها بأنه أزيل ولن يعود، وحقيقة ما حدث هو تفكيك الرواق وتخزينه لإتمام أعمال توسعة المطاف، ومن ثم أعيد في يونيو 2015 وبنفس العمارة التي كان عليها، وتركيا وجدت فرصة مواتية لإحياء موضوع الرواق من جديد في 30 أبريل الماضي، وكان هذا بعد أن استعانت وكالة الأناضول بكلمات مؤثر سعودي على تويتر، تمنى فيها إزالة الرواق. معظم المهتمين يعرف أن تسمية الرواق العثماني لا علاقة لها بالدولة العثمانية، وأنها في الأصل تنسب إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وتوسعته الثانية في القرن السابع الميلادي، وما قام به العثمانيون هو عملية ترميم للرواق فرضتها الضرورة في القرن السادس عشر الميلادي، وتم فيها استبدال الأخشاب في سقف الرواق بالقباب، والعمل صرف عليه من أموال الخزينة المصرية، ونفذ بمواد بناء جاءت من مصر، وبمعرفة عمال ومهندسين مصريين، ولم تشارك الدولة العثمانية في بنائه أو تدفع فيه شيئاً، وفي الرواق إضافة تعرف باسم رواق زيادة يرجح بأنها زيادة أمر بها العثمانيون. الدولة العثمانية لم تضف إلى مساحة المسجد الحرام متراً مربعاً واحداً، وكل ما فعلته هو تكليف المصريين بترميم الحرم وتجديده كلما دعت الحاجة، والوثائق تؤكد بأن أول توسعة في الحرم المكي تمت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزادت فيها مساحة الحرم الإجمالية إلى ألفين وخمسمائة وتسعين متراً مربعاً، وتواصلت بعدها أعمال التوسعة في العهدين الأموي والعباسي، ولكنها توقفت في بداية القرن العاشر الميلادي، والتوقف استمر لعشرة قرون تمثل في معظمها فترة حكم الدولة العثمانية، لتعاود أعمال التوسعة نشاطها في القرن العشرين، مع الدولة السعودية الثالثة، وبمساحة إجمالية وصلت إلى مليون وخمسمائة وثلاثة وستين ألف متر مربع. لعل الثابت والذي لا يمكن إنكاره هو قيام الأتراك، في القرن السادس عشر، بسرقة قطع من الحجر الأسود، وبعض محتويات الغرفة النبوية الشريفة في المدينةالمنورة، ووكالة الأناضول نفسها اعترفت بالسرقات، وقالت إنها كانت بغرض التبرك وتشريف المقام، والقطع المسروقة وضعت في مساجد تركية، وأكبرها كان من نصيب ضريح سليمان القانوني. الرواق العثماني بلا قدسية، ولا أعتقد أن هناك إشكالاً شرعياً يمنع إزالته، وإذا اقتضت مصلحة قاصدي المسجد الحرام إزالته فسيزال، وينقل إلى متحف الحرمين الشريفين بوصفه تحفة معمارية، والواضح أن تركيا تحاول باستخدامها لهذا الملف وغيره، تعويض خسائرها الأوروبية وتراجع مكانتها كدولة مؤثرة ومحترمة في محيطها، وليس أمامها إلا استهداف المملكة والقيمة التي تمثلها في قيادة العالم الإسلامي، باعتبارها حاضنة لمقدسات المسلمين. BaderbinSaud@