تحتفل مصر والعالم العربي اليوم بذكرى النصر المجيد في العاشر من رمضان 1393ه السادس من أكتوبر 1973م، تلك الحرب التاريخية التي انتصر فيها الجيش المصري على نظيره الإسرائيلي، محطماً أسطورة «الجيش الذي لا يقهر»، بعدما دمّر خط بارليف، وتوغل داخل سيناءالمحتلة منذ 1967، ما مهد الطريق لاستعادة كامل سيناء أرض الرسالات. ويعد الانتصار المصري في حرب أكتوبر/رمضان، ملحمة عربية خالصة شاركت فيها السعودية بدعمها الكامل لمصر، بالقرار الجريء الذي اتخذه الملك فيصل بن عبدالعزيز (رحمه الله)، بقطع البترول العربي عن الغرب، ما شكّل ضربة قوية فتحت الطريق لهذا النصر العظيم. وتسجل صفحات التاريخ، أن الدعم السعودي للمعركة جاء مبكراً، إذ أعقب العدوان الإسرائيلي على الدول العربية عام 1967، وفي هذه الأثناء وجّه الملك فيصل نداءً إلى الزعماء العرب، وطالبهم بضرورة تقديم كل أنواع الدعم والوقوف بجانب الدول الشقيقة المعتدى عليها لتمكينها من الصمود، وقادت السعودية معركة سياسية ودبلوماسية واقتصادية غير مسبوقة، لخدمة المجهود الحربي العربي، ما أسفر في النهاية عن انتصار أكتوبر. وبتاريخ 17 أكتوبر 1973 أي بعد اندلاع الحرب بأيام، قرّر الملك فيصل استخدام سلاح البترول في المعركة، ودعا لاجتماع عاجل لوزراء البترول العرب في الكويت، الذي قرر تخفيض الإنتاج العربي الكلي للنفط بنسبة 5%، إضافة إلى 5% أخرى شهرياً، إلى أن تنسحب إسرائيل حتى خطوط ما قبل يونيو 1967، وأعلنت السعودية بقيادة الفيصل، وقف بيع البترول للغرب لدفعه لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، كما أعلن الفيصل وقفه إمدادات النفط إلى أمريكا والدول المؤيدة لإسرائيل. ويقول وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة المصرية الأسبق المشير محمد عبدالغني الجمسي في كتابه (مذكرات الجمسي - حرب أكتوبر): «لم يتوقف الدعم السعودي لمصر عند قطع البترول، فعلى المستوى العسكري، شاركت القوات السعودية في الحرب ضمن الجبهة السورية، في الجولان وتل مرعي، وخاض الجيش السعودي معارك طاحنة ضد الوحدات الإسرائيلية، كما أنشأت السعودية جسراً جوياً لإرسال جنودها إلى الجبهة السورية، وأرسلت قوات من لواء الملك عبدالعزيز، وفوج مدفعية وفوج مظلات، وسرية بندقية، وسرية إشارة، وسرية هاون، وفصيلة صيانة مدرعات، وسرية صيانة للجبهة السورية»، فيما أصر الملك فيصل يرحمه الله على زيارة جبهات القتال أثناء حرب أكتوبر يرافقه الرئيس المصري محمد أنور السادات، علاوة على الزيارات الميدانية المتتالية التي قام بها أمراء ووزراء سعوديون، لتفقد القوات المصرية على الجبهة، وتقديم الدعم والمساندة للقادة والشعب المصري. ويقول الرئيس الأسبق لهيئة العمليات بالقوات المسلحة المصرية وأحد أبطال حرب أكتوبر اللواء عبدالمنعم سعيد، في حديث سابق لصحيفة (الأهرام) المصرية: «علاقات مصر والسعودية الاستراتيجية، متجذرة في أعماق التاريخ، وليس أدل على ذلك من مشاركة الملك سلمان بن عبدالعزيز بنفسه، في قوات المشاركة الشعبية العربية، مرتدياً زيه العسكري بجوار 3 من أشقائه، هم الملك فهد، والأمير تركي، والأمير محمد، إذ نحى كل منهم لقبه كأمير في الأسرة الحاكمة، أمام ضابط مصري بانتظار التعليمات العسكرية، لتدشين مهتمهم في الدفاع عن مصر خلال العدوان الثلاثي عام 1956». تلك الصورة المحفورة في ذاكرة الأجيال، تسجل رؤية الملك سلمان الذي يقود دوراً كبيراً للبلاد الإسلامية في مكافحة الإرهاب، كما يتصدى لمحاولات تمزيق العالم العربي لدويلات. علاوة على دفاعه المستمر عن القضية الفلسطينية، إذ أكد غير مرة أن موقف المملكة لن يتغير من القضية الفلسطينية حفاظاً على حقوق الشعب الفلسطيني، داعياً -ولم يزل- إلى وجوب تحقيق السلام الشامل والعادل باعتباره خياراً استراتيجياً، للحل النهائي للقضية ما يضمن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. وفي تصريحه ل«الأهرام» المصرية، يقول أحد أبطال حرب أكتوبر المشارك في أطول معركة جوية ضد إسرائيل اللواء طيار أحمد كمال المنصوري: «شكّل الملك سلمان لجنة تبرعات لأهالي ومنكوبي السويس، ممن أصابتهم أضرار العدوان، كما عاد وشكّل بنفسه لجنة لجمع التبرعات لمصر أثناء حرب أكتوبر، وذلك بعد 17 عاماً من العدوان الثلاثي».