لا أحد في مأمن من أنيابه، ف«كورونا» لا يعرف الاستثناء، ففي بدايات الموجة زعم البعض أن الفايروس الشرس لا يسدد سهامه إلا لمن عبر سواحل الخمسين وضفاف الستين. الذي حدث أن كثيرين في ميعة الصبا وزهو الشباب الآن أسرى غرف العزل ينتظرون تفتق عبقريات الباحثين والعلماء عن كشف ترياق يعيد إلى الكرة الأرضية هدوءها وللشوارع نبضها. وعوضا عن هؤلاء، نهض أطباء شعبيون لتصدر المشهد، فاحتشدت الأوساط بعشرات الأعشاب المعالجة للفايروس الشرس، ووجد مشعوذون ضالتهم في «كوفيد-19» لإنعاش أعشابهم البائرة. زعم أحدهم من بغداد أن بخور «الحرمل» هو أفضل دواء استباقي في مكافحة الفايروس، لكن وزارة الصحة العراقية حذرت من النبتة العطرية التي تسبب لمستخدميها الهلاوس والأمراض النفسية! وزعمت صحيفة شعبية هندية أن الفايروس يعاني من حساسية ضد الكحول قبل أن تقطع منظمة الصحة العالمية بخطل هذه النظرية ومثيلاتها من الفرضيات، وأغربها نظرية انتشرت في قرية آسيوية عن بخور روث الأبقار كعلاج مضاد. صحيح أن «الغريق يتمسك بقشة»، وليس على طريقة المعالج التركي قاسم ألاغيك الذي ادعى القدرة على علاج «كورونا» بالأعشاب ومنافسة الطب الحديث في مداواة كل الأمراض بدءا من سرطان الجلد حتى الشلل الدماغي. ومع انتشار واسع للتوجسات من المرض الخطير استيقظت العاصمة السودانية، الأربعاء الماضي، على حكاية رضيع تحدث في المهد ونصح بتعاطي الشاي الأسود الثقيل قبل أن يرحل عن الدنيا، وحامت اتهامات حول شركات شاي في فبركة الكذبة لترويج مخزونها من البضاعة. ولم ينافس الشاي وقدراته العجيبة في مقاومة ال«كوفيد» إلا «الشلولو»، وهي وجبة شعبية مصرية تصنع من الملوخية المجففة والثوم والليمون والشطة الحارقة للفايروس. وفي وقت يجهد فيه العلماء عقولهم للبحث عن بلسم كورونا باستخدام دماء المرضى المتعافين كما فعلت شركة يابانية، أحالت نقابة الأطباء المصرية طبيب أمراض جلدية للتحقيق لترويجه لقاحا خاصا بالسعال «الديكي» على أنه ترياق ضد الفايروس، مثل اليانسون والقرفة والميرمية وهي بضاعة رائجة هذه الأيام في متاجر العطارة بالسعودية كعلاج بديل. وفي ديسمبر الماضي، اعتمدت وزارة الصحة اللائحة التنفيذية لضوابط الطب البديل، منها حصول الممارس على ترخيص من المركز الوطني، وشهادات معترف بها في الطب التكميلي، إلى جانب تصنيف من هيئة التخصصات الصحية، كما اشترطت على المعالج فتح ملف طبي للمريض والالتزام بأخلاقيات المهنة، واجتياز الاختبارات المطلوبة.. ومع ذلك، تتصدر «ميرامية» وعشبة «المر» قائمة المضادات الذاتية لفايروس كورونا بعيدا عن عيون اللائحة التنظيمية للأعشاب.