تشكل السفارات أهمية كبيرة في تعميق الانتماء الوطني للشعوب والأفراد من خلال خدمتهم وحل مشاكلهم والدفاع عن قضاياهم؛ فهي الوطن في غربتهم والملجأ الآمن حين الحاجة، والسفير هو السند الأول لأي مواطن مغترب. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مرئياً مع قرار وقف الرحلات الخارجية في إطار الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الدولة لمكافحة فايروس كورونا، جاء المقطع محملا بمشهد يتجمع فيه العشرات وربما المئات من المواطنين السعوديين المنتظرين في مطار جاكرتا للعودة إلى الوطن قبل قرار وقف الرحلات؛ وفي المقطع يظهر سفير خادم الحرمين الشريفين في جاكرتا عصام عابد الثقفي أمام كاونتر الطيران في المطار تاركاً مكتبه الفاخر بنفسه دون أن يبعث من ينوب عنه في السفارة، حضر لتهدئة المواطنين وامتصاص غضبهم واطمئنان أهاليهم في الوطن من خلال تأكيده لهم بأنهم في ضيافة السعودية محفولين ومكفولين في فنادق خمسة نجوم حتى يتم حل مشكلتهم ويغادر الجميع للعودة للوطن. هذه الصورة العفوية من المسؤول الوطني الأول في بلاد الغربة جسدت المسؤولية الوطنية التي تقع على عاتق سفراء خادم الحرمين الشريفين في شتى بلدان العالم ليمارسوا أعمالهم بروح المسؤولية ويتحلوا بضبط النفس والهدوء ويخدموا المواطنين في أصعب وأعقد الظروف والأزمات بكل حنكة وأخلاق فاضلة، لاسيما أنهم يحملون لقباً غالياً في مسماهم الوظيفي ويمثلون خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان في علاقته مع شعبه والذي يعتبر نفسه أبا لكل مواطن سعودي. ولا ننسى مشهد السفراء قبل مباشرة مهامهم في أي دولة وهم يتشرفون بالسلام ويؤدون القسم أمام خادم الحرمين الشريفين بالإخلاص في العمل ورعاية مصالح الدولة بالصدق والأمانة، الأمانة التي تحتم عليهم تقديم الرعاية للمواطنين خارج حدود الوطن؛ وأن يكونوا على قدر المسوولية خارج حدود مكاتبهم الفاخرة وخارج إطار الصورة النمطية والبروتوكلات الدبلوماسية التي يتوقع البعض أنها حدود مهامه في السفارات. وبالتأكيد خبرة السفير الثقفي في التعامل مع الأزمة لم تأت من فراغ وإنما من رصيد خبرات تراكمية في العمل الدبلوماسي؛ لذلك أقترح على سفراء المستقبل أن يستفيدوا من النماذج المشرقة في إدارة أعمال السفارة ورسم خارطة عمل جديدة في السفارات لخدمة الوطن والمواطن أولا وأخيراً. * كاتبة سعودية monaotib@ [email protected]