دأبت المملكة على تقوية دعائم السلام في شتى بقاع الأرض لتصبح بلا منازع «قبلة السلام» العالمي، فلست بحاجة إلى بذل الكثير من الجهد لتثبت لك صفحات التاريخ السعودي الكم الهائل من الإنجازات الإنسانية والجهود الجبارة لصناعة السلام، فها هي «وثيقة مكة» التي وقع عليها جمع من علماء العراق في عام 2006، من مختلف الطوائف العراقية، تحقن دماء المسلمين، وتوقف الحرب الطائفية في العراق، وتوقف أعمال العنف التي طالت المساجد ودور العلم والعبادة. وأكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- حينها، للمشاركين في مؤتمر المصالحة العراقية «أرحب بكم في بلدكم الثاني، وأتمنى لكم التوفيق والنجاح لأنكم، ولله الحمد، كلكم إخوان مسلمون، ولا نريد أن يتدخل أحد بين أبناء الأمة الإسلامية».ونصت الوثيقة التاريخية التي وقعت برعاية سعودية وتلبية لدعوة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وتحت مظلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع للمنظمة على: «نحن علماء العراق من السنة والشيعة، اجتمعنا في مكةالمكرمة، في رمضان من عام 1427، وتداولنا في الشأن العراقي، وما يمر به أهله من محن ويعانونه من كوارث، أصدرنا الوثيقة التي تشمل أن الجرائم المرتكبة على الهوية المذهبية كما يحدث في العراق هي من الفساد في الأرض الذي نهى الله عنه وحرمه وليس اعتناق مذهب، أيا ما كان، مسوغا للقتل أو العدوان ولو ارتكب بعض أتباعه ما يوجب عقابه، إذ ولا تزر وازرة وزر أخرى». وأضافت الوثيقة: «يجب الابتعاد عن إثارة الحساسيات والفوارق المذهبية والعرقية والجغرافية واللغوية، كما يجب الامتناع عن التنابز بالألقاب وإطلاق الصفات المسيئة من كل طرف على غيره، ويؤيد العلماء من السنة والشيعة جميع الجهود والمبادرات الرامية إلى تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في العراق».