في غضون ما سيحدث قريباً، فإن الإعلام سيعيش تحولات قد يكون فيها جيلي من الإعلاميين ومن بعدنا بقليل غرباء في عالم نسمع عنه ونستشرف بعض ملامحه ونسمع وقع «ربوتاته» وهو ما سينعكس على المحتوى وطريقة كتابة وعرض القصص الصحفية والأحداث السياسية والرياضية ورنة بورصات المال، وما سيحدث من مستجدات الابتكار في عالم التطبيقات والوسائط الاجتماعية و«الداتا جورنالست» التي تحوي آلاف البيانات والوثائق والمعلومات في عالم ستصنع فيه صحيفتك وشاشتك وتصبح أنت سيد اختياراتك. إن إعلام المستقبل متجه إلى تكريس السيطرة الفردية ليعزز من التأثير الشخصاني على النحو الذي سيؤدي إلى تضاؤل الشكل المؤسسي المعقد والمكتظ بوجهات النظر المختلفة والمتباينة، وإذا كان المقدم والمحاور التلفزيوني كمثال هو الذي يتحكم الآن في المحتوى فإن المتلقي -لاحقاً- هو الذي سيتحكم ويقرر شكل المحتوى. ومع أهمية التقنيات في إعلام المستقبل إلا أن المحتوى رغم كل شيء سيبقى هو سيد الموقف مهما اختلفت الوسيلة خاصة مع بروز أهمية صحافة البيانات وتحليلها، وسيبقى الشغف البشري بالمعرفة والمعلومة الحافز الذي سيقود العاملين في المحيط لخلق إعلام متجدد ومتناسب مع العصر. إن هذه التحولات المستقبلية الكبرى في عالم الإعلام هي التي يجب أن تدفعنا لخلق رؤية واضحة للمستقبل لدى مؤسساتنا الإعلامية لمواجهة التحديات القادمة وهو ما يجب أن يقودنا لإعادة تعريف الصحافة بما يتناسب والمتغيرات، لأن واقع شبكات التواصل الاجتماعي واعتبارها شكلاً من أشكال الصحافة هو بالتأكيد مغاير لواقع الحال لأن المصداقية والموثوقية هي اهم الأسس التي تقوم عليها الصحافة، لكن ما يتم في شبكات التواصل من فلتان لفظي وكيد وشخصنة وتكاذب لا يحكمه الرقيب، كما لا يسمح الوقت ولا سرعة إصدار«المنتج» مع سرعة التداول بالتحقق من دقته وموثوقيته. ورغم كل المتغيرات والثورة الرقمية إلا أن التغير الأكبر سيكون في الوسيلة والوعاء والآلة، وسيبقى الفضول البشري وحب المعرفة هما الروح التي تطيل عمر الصحافة ما بقي عمر الإنسان ماكثاً فوق هذه الأرض. * كاتب سعودي IdreesAldrees@