نكمل في مقال اليوم تقديم الحقائق والأرقام التي طرحت بمقال الأمس، حول العلاقات التركية-الإسرائيلية، بشقها السياحي، خصوصاً زيارات القدس، من قبل الأتراك، وعدد السياح، والمسافرين الإسرائيليين إلى، وعبر، تركيا، والتي أسميها «سمسرة المقاطعة». يعتبر عام 2019 عام ازدهار عودة السياح الإسرائيليين إلى تركيا، وفي 15 أكتوبر 2019، عنون موقع جلوبز الإسرائيلي قصة عن ذلك بالعنوان التالي: «الإسرائيليون يتدفقون على تركيا بأرقام قياسية». وقال الموقع إن شركة الطيران التركية قامت في ذاك العام بنقل أكثر من 850 ألف مسافر على خط رحلاتها إلى تل أبيب. كما ذكرت القصة أن عام 2019 ينتهي بوجود 480 ألفاً منهم في فنادق أنطاليا. ومن يناير إلى أغسطس 2019 فقط زار تركيا 378 ألف سائح إسرائيلي! وتنشط تركيا فيما أسميه «سمسرة المقاطعة»، حيث تقوم أنقرة، وأعوانها بالمنطقة، بتخوين، ومهاجمة، كل من يتحدث عن زيارات للقدس، أو أي تبادل تجاري، خصوصاً الدول التي لديها معاهدات سلام مع إسرائيل، مثل مصر والأردن، بينما تستثمر تركيا تلك المقاطعة بشكل مذهل، من حيث نقل المسافرين، والترانزيت، والسياحة. وتستغل أنقرة حظر الأجواء السعودية على الطيران الإسرائيلي مما يمنح الطيران التركي فرصة نقل المسافرين الإسرائيليين إلى آسيا، والعكس. ولا نجد لهذا الامر أي تغطية بالإعلام الذي يدعي نصرة القدس، لكن لو أن مصر، مثلاً، قامت بأي اتفاقية للغاز مع إسرائيل، وهي على حدودها، لأصبح خبراً عاجلاً، ومستمراً، على قناة الجزيرة، وكل المواقع الإخوانية. وهنا مثال بسيط على أكاذيب الإعلام الإخواني - الأردوغاني، فيوم الأربعاء الماضي تحطمت طائرة ركاب تابعة لشركة «بيغاسوس» التركية قادمة من إزمير عقب هبوطها بشكل عنيف في مطار صبيحة غوكشن بإسطنبول، ما أدى لانشطارها إلى 3 أجزاء، وكان من ضمن ركابها راكبان إسرائيليان، وبالطبع لم يكن ذلك موضوع اهتمام من الإعلام المغرض! وعليه فرغم حديث أردوغان الأخير المجحف بحق السعودية، والإمارات، والبحرين، وعمان، حول القدس، فإن الأرقام والحقائق تقول إن تركيا أردوغان لا تتوانى عن استغلال المقاطعة للقدس، ولا تتوانى عن تحقيق المكاسب الاقتصادية عبر السياح الإسرائيليين، أي «سمسرة المقاطعة». ومحق نتنياهو عندما يقول إنه ربما يكون «الإسرائيلي الوحيد الذي لا يسافر إلى تركيا». فماذا لو فعلت مصر ما يفعله أردوغان؟ أو فعلتها الأردن؟ أو دولة خليجية؟ ختاماً، لا يمكن أن يلام أردوغان وحده هنا، بل اللوم على من لم يظهر هذه الحقائق، ويكررها، لكي لا يسمح للعثماني الجديد، والإخوان، والداعم، والمروج، القطري، باستغلال القضية الفلسطينية، واللعب على مشاعر الناس كذباً. * كاتب سعودي [email protected]