(1) في المساء نرسمُ النهارَ بِخَدين متوردين وابتسامة وادعة، ثم نلتحفُ أحلامنا وننام متعجلين قدومه.. نفيق على عتبات الفجر، نترقب خيوطه الأولى وهي تتسلق الظلام، ولكن - دون أن ندري ما الذي حدث له - يأتي كعادته ساخطاً.. (2) أَرْقُب نَجْمَة معلقةً فِي المساء، أرقبها كُلَّ ليلة وَهِي تَدنُو لتقتربَ إلَيَّ، لكنها - في كلَّ ليلةٍ - ولِسَبَبٍ أجهلهُ تَتَقَهْقَرُ عائدةً لِتُحِيلَني إلى انتظارٍ آخَر.. * * * تَنَام النجمةُ لكنني لا أَنامُ، أفكرُ فيما كانت ستقولُهُ لي/ في السِّر الذي اخْتارَتنِي أنا تحدِيدا لأَكُونَ بِئرَه.. (3) هذا المساء كونوا هادئين جدا. لا توقظوا الشمس بوشوشاتكم، لعلها -ولو مرة- تفيق متأخرة.. * * * أريد أن أنام، ولكن أخشى أن تصحو الشمس قبل أوانها.. أخشى أن ينبلج الفجر خديجا.. * * * رداء هذا الليل ليس ثقيلا بما يكفي ليدثر جسد المساء؛ ها هو البرد يسري إليه من كل ناحية.. (4) في ردهات مساء بغيض كهذا أبحث عن لوحة عذراء لأرسم بابا أو نافذة، أرسم بصيص أمل يلوِّح لي بيديه من خلف كل هذه الوحشة.. سلالم هذا المساء تتناسل أصعدها درجة درجة، لا يعنيني لون اللحظة المواتية، أو شكلها؟! سأعصبُ قدميَّ بهالة حذر لئلا تنزلقَ في كمين أعَدَّتْهُ برهة تحاول أن تدشنَ لها حيزا في الذاكرة.. * * * ها أنا ذا أجمعُ كلَّ حواسي وأدهنها بملل غليظ، سأنتعلُ خُطى الواثقين وأمضي دون اكتراث للمخاوف الطارئة..