ظهرت التربية المهنية مع الإنسان، وتطورت تدريجيا معه، فكانت بدائية وارتقت حتى أصبحت تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وهي اعتماد الأفراد على أنفسهم، وتطبيق المهارات الحرفية التي اكتسبوها عن طريق التدريب الذاتي، أو الاستفادة بخبرات أفرادٍ آخرين كمدرسين لهم في مختلف المجالات المهنيّة، واعتاد الناس توارث المهن والصناعات والحرف التي لها علاقة مباشرة بحياة الناس اليومية، وكانت تأتي عن طريق التوارث المهني للأب يعلّم ابنه المهنة التي تعلّمها من والدهِ، وهكذا يستمر العمل بهذه المهن حتى صارت جزءاً أساسياً من حياة أولئك الأفراد وارتبطت بهم. وحملوا أسماءها مثل النجار والحداد والخياط وغيرها من المهن. والتعليم الحرفي أو ما يسمى بالتكوين المهني، هو عبارة عن تشغيل للمهن التي نستقدم لها عمالة أجنبية، بينما أرى وللأسف أن المعاهد المهنية والكليات الفنية التي تنتشر في مدن المملكة لم تؤد دورها على الوجه الأكمل، بدليل تواجد كثير من العمالة الوافدة التي تزاول الحرف المهنية، وكان من الأجدى أن تسهم تلك المعاهد والكليات في تقليص العمالة الأجنبية، بتخريج شباب وطني مؤهل يزاول جميع الحرف. لذا يجب إعادة النظر في عمل تلك المعاهد لتلبي حاجة سوق العمل، بتخريج كفاءات وطنية، تزاول جميع المهن باقتدار، إضافة إلى أنه يجب أن يدعم القطاع الخاص تدريب أبناء الوطن على المهن وتوظيفهم برواتب مجزية ويقدم لهم الحوافز المغرية، وتدريب وتعليم أبناء الوطن يسهم في تقليص استقدام العمالة، ونستبعد الفائض منها، إضافة إلى تحقيق نسبة السعودة، وعلينا خدمة ذلك إعلاميا من خلال تشجيع الشباب وتحفيزهم على الانخراط في التعليم المهني حتى يجدوا فرص عمل سريعة تليق بمهاراتهم، ونسهم في حماية الاقتصاد الوطني وإيقاف التحويلات الأجنبية التي استنزفتنا كثيرا، إذن علينا تنشيط وتفعيل المعاهد المهنية والكليات الفنية لمعالجة الاختلالات في سوق العمل.