يذكر لي أحد المسؤولين الكبار في الخطوط السعودية قصة رائعة لرجل كان يصنع الأنوار ولايعشقها، لتعرفوا الفرق بين صانع الأنوار وعاشقها. هذا الإنسان النبيل والشخصية الاستثنائية (رحمه الله) كان إنساناً محباً للوطن وللخطوط وداعماً لها ويريد أن يراها مشاركة في المحافل الدولية ورغب أن يترجم عن حبه لها بالأفعال، فاقترح عليهم أن ترعى الخطوط السعودية أهم سباقات الخيل العالمية التي كانت تقام في لندن في أشهر حلبات الخيول الدولية. كانت السباقات تحظى بتغطية إعلامية مكثفة وتحضرها شخصيات كبيرة وملوك وقيادات من حول العالم، تولى هذا الرجل الاستثنائي التمويل من جيبه الخاص، دون أن يُحمّل الخطوط السعودية ريالا واحدا. كان الجندي الخفي.. لم يبخل بشيء أبداً في سبيل أن تظهر السعودية بأبهى صورة كراعٍ دولي لحدث عالمي، وحين أتت لحظة تكريم الرعاة وتسليم الكأس للجواد الفائز، قام سفير المملكة في بريطانيا -آنذاك- غازي القصيبي (رحمه الله) بدعوة هذه الشخصية الكبيرة التي كانت تجلس في أحد الصفوف البعيدة، للصعود لمنصة لاستلام التكريم نيابة عن «السعودية» كشخصية اعتبارية كبيرة ولأنه الرجل الذي كان خلف كل هذه الأحداث. لكنه أبى واعتذر وقال يا غازي إنه يومكم، وأنتم الأحق بالظهور، يكفيني أن أرى «السعودية» الناقل الوطني في المنصة تشرف الوطن. هكذا يصنع الكبار الأنوار ويبثونها ولا يبحثون عنها، رحم الله الأمير أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز على هذا الدرس البليغ الذي يعلمنا الفرق بين الكبير والصغير وبين عاشق الأنوار وصانعها.