ياسر بوعلي، تجربة متدفقة وثرية في الأغنية السعودية المعاصرة، لا يمكن إلا أن تترك ألحانه بصمة أنيقة في صلب العمل الفني بالمزيج الذي تحويه بين ثقافة موسيقية وإحساس مختلف ووقع عصري متناغم مع ذائقة الأجيال المختلفة. تابعت عن كثب سيرته الفنية وأعماله بأصوات نخبة النجوم العرب، كان لافتاً فيها التماهي الجاذب بين ابتكاراته الجريئة على مستوى اللحن، وفلسفته الموسيقية الخالصة التي تصبغ مكونات العمل الأخرى صوتاً وكلاماً بهوية جديدة خارج نمطية الأغنية المألوفة. تعاطي ياسر بوعلي مع ذائقة المستمع كان رحباً جداً، إذ لم يجنح -وفق رأيي- إلى التحرر من أصالة اللحن الخليجي، لكنه دون شك قفز على التقليدية والكلاسيكية بهويته الخاصة بجرأة في تفاصيل ألحانه، ولعل الاختلاف الهائل بينها يعكس ما يمكن أن يختزله من قدرات لحنية، ما ظهر منها كان ناجحاً وكثير منها في طور الظهور، إذ إن عملاً أنيقاً بحجم أغنية «أبرحل» للفنانة أحلام، والذي حقق نسب استماع عالية، كان كافياً لاستعراض قدرات المغنية ذات الإمكانات الصوتية العالية وتطويعها لتقديم واحدة من أجمل أغاني الموسم، عبر لحن استعرض فيه الملحن قدراته في تقديم عمل فني رومانسي تنقل فيه بين الهدوء إلى العلو دون أن يسرق تركيز المستمع، علاوة على تعاوناته مع الفنانين عبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد منذ بدايته، وأخصهما لتناغمها مع فلسفته اللحنية، وبالعودة إلى عمل بمستوى «ما ظنتي» قبل زهاء 10 أعوام مع مجيد يتبين النضج الفني المبكر لهذا الملحن، الذي قدم نفسه كصانع مؤثر للأغنية الخليجية العصرية. 27 ديسمبر، موعد استثنائي في موسم الرياض مع ليلة جديدة بطلها هذا الملحن ياسر بوعلي، ستكون فرصة أكبر للتعرف على قدراته العالية وحضوره المختلف.