هناك ثقافة أساءت للمجتمع وقتا طويلا وصورت للنساء والرجال بأنهم بحاجة إلى وسيط ومشرف ينظم التعامل في ما بينهم البين، بينما يشكل هذا التعامل خطرا من نوع ما يفضي للوقوع في الفوضى والعشوائية، وكان الحل في العزل بين الجنسين كوسيلة للضبط الاجتماعي، وما يظهر اليوم يعطينا دليلا واضحا على أن سياسة التنشئة الاجتماعية هذه كانت خاطئة، لا تربي على النضج والمسؤولية لأي من الطرفين مع ضرورة التعامل في ما بينهما بالتوقف عند حد لا يتجاوزه أحدهما لإيذاء الآخر. يتعامل البعض مع بيئة الاحتفالات كمجال للفوضى التي تسمح بعدم التقيد بالقواعد كما يفعل الأطفال، بينما يعتبر حضور النساء إليها باعثا لإيذائهن والتحرش بهن ووضع الشروط على شكل اللباس والحكم على الدافع الذي جئن من أجله، فالاعتداء والمضايقات التي تعانيها النساء ليست سوى أساليب للرد من قبل الذكور على السلوك الخاطئ حسب مقاييس الأيديولوجيا السائدة، والذي تطلب فيه النساء حقهن بالتجول والترفيه، بينما يعامل سلوكهن هذا كاقتحام للمكان الذي لم يقرر أن يكون لهن الحق في الخروج إليه من الأصل، ما يحدد مستوى تقديم الاحترام للمرأة وفق نوع المجالات التي تذهب إليها أو تعمل فيها، والسلوكيات التي تتصرف بها. لعلنا ندرك في نهاية المطاف كيف أن الحرب ضد أي انفتاح هو حرب ضد النضج ومسؤولية الفرد تجاه ذاته وتجاه الجنس الآخر، حتى ولو ظهرت الكثير من الممارسات المرفوضة التي يعتبر ظهورها صحيا وضروريا ونتيجة طبيعية، إلا أن كل الأمور تسير وستمضي في طريقها الصحيح. كاتبة سعودية ALshehri_maha@