قبل أيام صدم أحد مشاهير تطبيق سناب شات في السعودية متابعيه بطرح غير مقبول أخلاقياً، إذ وصف كل موظف لا تُستثار شهوته الجنسية بمرور زميلته في العمل من أمامه بأنه شخص مريض يعاني من مشكلة تستلزم أن يراجع طبيباً متخصصاً في المسالك البولية. والحق أن مثل هذا الطرح رغم قبحه ليس جديداً أو غريباً، بل يمثل لب فكر تيار الصحوة المتطرف الذي حاربه وتجاوزه المجتمع خلال السنوات القليلة الماضية، سواء علم بذلك المشهور السنابي أم جهل، فالفكر الصحوي فكر يدور بمعظمه في فلك الجنس الدنيوي والآخروي، ويعتاش على التشكيك في نوايا الناس وأعراضهم وغير ذلك مما يعرفه الجميع عن أدبيات الصحوة الظلامية. أنا مقتنع تماماً بأن المشهور السنابي المشار إليه ضحية لأفكار خاطئة غُرست في عقله دون قصد منه، كما أظن أنه شخص جيد بشكل عام، لكنه تأثر ثقافياً بطرح الصحويين الذي لم يسلم منه كثيرون، ولو أن هذا المشهور كان شخصاً غير مؤثر ولا تصل رسالته إلى آلاف المتابعين لما تسبب طرحه هذا الغضب الكبير الذي عم شبكات التواصل، فأصحاب هذا الفكر موجودون بيننا في المجالس والاستراحات والمقاهي وشبكات التواصل لكنهم لا يؤثرون في أحد وتبقى أفكارهم قناعات شخصية لا يمتد سوادها إلى الفضاء العام وهذا هو المهم. لن أطالب بمحاسبة المشهور السنابي على طرحه كما يطالب غيري من الكتاب والمهتمين، فالخطأ وارد من كل شخص، ومحاسبته لن تفيد في شيء، لكنني أطالبه شخصياً بأن يفكر جدياً في طرحه ويعود إلى الطريق الصحيح بالخروج عبر سنابه والاعتذار للموظفين والموظفات عما بدر منه، فهو إن فعل ذلك سيرتفع في أعين الناس وسيُنظر له كشجاع لديه القدرة على التراجع عن الخطأ بقناعة وثقة، كما أن اعتذاره سيشكل ضربة لكل حاملي هذا الفكر الذين سيخجلون من التصريح به علانية مرة أخرى. النقطة الأهم التي ينبغي الإشارة إليها على خلفية هذه الحادثة هي أن نقتنع بأنه لا يمكننا أن نسيطر على ما يطرحه كل شخص في شبكات التواصل سواء كان مشهوراً أو مغموراً، ففي هذا إضاعة للوقت وجهود الأجهزة المختصة، كما لا يليق بالمثقفين والكتاب أن يشجعوا حفلات التنمر الجماعية المطالبة كل يوم بالقبض على فلان ومحاكمة علان لأنه قال كذا أو لم يقل كذا.. علينا أن نتجاوز هذه العقلية التجريمية ونضع الأمور في نصابها، وننظر للمخطئ في المرة الأولى كضحية بحاجة للحوار ونساعده على معالجة الخطأ إن لزم الأمر، فمجتمعنا يمر بتحولات كبيرة نحو الأفضل، ولا بد من أن نملك القدرة على التسامح مع المخطئ ما لم يصر على الخطأ، وإن كان مشهوراً فعلينا أن نستفيد من شهرته لتصحيح خطئه ونشر الثقافة التي نريد من خلاله وهذا هو الأفضل له وللمجتمع بشكل عام. * كاتب سعودي Hani_DH@ [email protected]