كشفت مصادر مطلعة في بيروت ل«عكاظ» أن رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري أبلغ حلفاءه في التسوية الرئاسية (التيار الوطني الحر، حزب الله، وحركة أمل) أنه لا يعترض على أي شخصية يسمونها لتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنه غير مستعد للمشاركة في أي من هذه الحكومات، لأن المطلوب حكومة تكنوقراط قادرة على كسب ثقة الشارع. وأفادت المصادر بأن الحريري طلب من قواعده الشعبية عدم إظهار أي اعتراض في الشارع في حال تسمية وزير المالية السابق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة. واستغربت مصادر مقربة من الصفدي أمس (الجمعة) الضجة التي أثيرت بعد طرح اسمه لرئاسة الحكومة من دون أن يتكبد أحد السؤال عن إذا كان الصفدي موافقا على تسميته أو على نوع الحكومة التي يتوافقون عليها. وأكدت أن الكتل النيابية تستطيع أن تسمي الصفدي لرئاسة الحكومة وأن يتم تكليفه، لكن الصفدي من جهته لن يقبل بأقل من وضع الشروط التي تسمح له بتشكيل حكومة ترضي جميع اللبنانيين، وإلا فإنه سيرفض التشكيل، لذلك فالمطلوب الهدوء بانتظار اتضاح صورة ما يجري. بالمقابل، وفيما التزمت كافة الأوساط السياسية الصمت حول التوجه لتسمية الصفدي لترؤس الحكومة القادمة، وعدم دعوة الرئيس ميشال عون إلى الاستشارات النيابية الملزمة، تسربت معلومات صحفية أمس، بأن الدعوة للاستشارات قد توجه يوم الإثنين. وقال رئيس حزب التوحيد العربي وئام وهاب المقرب من حزب الله، إن الحريري هو من اختار الصفدي من بين أسماء أخرى مثل أسامة مكداشي، وليد علم الدين، ونواف سلام. كما تسربت معلومات بأن قصر بعبدا وافق على تسمية الصفدي، خصوصا أنه من أبرز المقربين لوزير الخارجية جبران باسيل والتنسيق قائم بينهما منذ مدة ليست بقصيرة. وأثارت تسريبات تسمية الصفدي غضب وسخرية المتظاهرين الذين يطالبون بإسقاط الطبقة السياسية بالكامل متهمين إياها بالفساد والعجز عن حل الأزمات المعيشية، واتهم المحتجون السلطات بعدم أخذهم على محمل الجد. وتظاهر العشرات ليلاً في بيروت وأمام مكتب الصفدي في طرابلس، فيما تظاهر آخرون في بيروت أمس ضد تسميته. وتناقل الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للصفدي كتب عليها «هل تستهزئون بنا؟». وفي طرابلس، قال متظاهر «يثبت طرح الصفدي أن السياسيين في السلطة يعيشون في غيبوبة عميقة وكأنهم في كوكب آخر خارج نبض الشارع». واعتبر أستاذ جامعي أن الصفدي «جزء أساسي من تركيبة هذه السلطة، وله مشاركة مباشرة في الفساد والاعتداء على الأملاك البحرية»، مضيفاً «الصفدي لا يلبي طموحات الانتفاضة». وأعاد متظاهرون قطع الطرق في بعض المناطق أمس، واعتصم العشرات أمام أحد مخافر بيروت احتجاجاً على توقيف ناشطين اثنين قبل أن يتم إطلاق سراحهما. ونفذت مستشفيات عدة إضراباً جزئياً ليوم واحد أمس، فيما لا تزال المصارف مغلقة في كافة المناطق اللبنانية.