في أواخر أكتوبر 1929، انهار سوق الأسهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، فأفلست البنوك، وأغلقت الشركات أبوابها في وجه العاملين، ليشهد الأمريكيون بداية ما عرف بفترة الكساد العظيم، فانتشرت مظاهر البؤس والفقر، ومع تفاقم الأزمة طيلة الثلاثينات ارتفعت نسبة البطالة بشكل مخيف، إذ بلغت في بعض المدن الأمريكية 50%. وكالعادة احتلت صور العائلات الفقيرة والمشردة وطوابير الجوعى صفحات الصحف، إلا أن صور بائعي التفاح كانت أكثر ما لفت نظر المسؤولين لحجم الأزمة، إذ غزوا المدن كافة، وكان طبيعيا أن يرى المتجول في شوارع نيويورك الراقية مواطنين ذوي مظهر محترم حاملين على أكتافهم صناديق تفاح، يعرضونها للبيع؛ لسد رمق أبنائهم. أما فكرة بيع التفاح في الطرقات، فكان وراءها كبير مسؤولي مؤسسة شحن محصول التفاح العالمية جوزيف سيكر، الذي لم يقصد بها مواجهة المجاعة فحسب، بل تشغيل العاطلين عن العمل الذين تفاحلت أعدادهم، ما يحول دون انتشار ظاهرة التسول، وتشرد العائلات في الطرقات، لدرجة أن التفاح تحول إلى رمز من رموز مكافحة الجوع والبطالة آنذاك، وبرزت صور بائعيه ضمن قائمة أهم صور الكساد العظيم. ولم يضع سيكر الفرصة، فاستغلها بشكل أكبر حين كون وزملاؤه شركة لشراء كميات كبيرة من التفاح قدرت حينها ب10 آلاف دولار، وبيعها بأرباح رمزية للعاطلين، فتحمسوا وجابوا بها شوارع الولايات بأسعار زهيدة، وصلت إلى درجة البيع بالآجل. ومع استمرار الأزمة واحتياج العائلات للتفاح لسد جوعهم تجمع أكثر من 6 آلاف عاطل عن العمل في نيويورك وحدها، واستحوذوا على فائض محصول التفاح كاملا عام 1931، ووجدوا الفرصة سانحة لرفع الأسعار تدريجيا، فارتفع سعر الصندوق من 5 سنتات إلى دولارين. وحين انتبه الممولون لحجم الأرباح، أوقفوا دعمهم للعاطلين، وباعوا التفاح لشركات استردت بعض عافيتها مقابل نسبة أكبر من الأرباح، وبرروا ذلك بأن بائعي الطرقات تسببوا في مشكلة بيئية، إذ امتلأت المدن ببقايا التفاح، وهو ما تبنته السلطات البلدية وحظرت عمل بائعي التفاح في واشنطن أولا، ثم انتقل لبقية المدن الأمريكية.