أطلق الكثير من المفكرين والفلاسفة الغربيين على عصرنا الحالي تسميات متعددة من أشهرها: عصر التفاهة، عصر الحمقى! وأشهر عبارة متداولة معبرة عما وصلنا إليه هي للمفكر والأديب الإيطالي الكبير إمبرتو إيكو وهي «لا تجعلوا من الحمقى مشاهير»، وأزعم أن الجميع يعلم مدى دلالة وعمق هذه العبارة على ما نشاهده ونفزع منه في بعض الأحيان من مقاطع ودعايات ومناظر مستفزة وصور لا تمت لمجتمعنا بصلة. ما سبق كله ينطبق على وسائل التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالسوشيال ميديا وأوعيتها الحاملة لها، أقصد تويتر، وإنستغرام، وسناب شات، وغيره، ولكني أخص هذه المقالة «بمشاهير السناب» الذي قلبوا الموازين والقيم الاجتماعية رأساً على عقب، وهذا حديث ذو شجون وآلام وأحزان والتصدي لظاهرة مثل ظاهرة مشاهير السناب لا يمكن إطلاقا أن تنجح إلا بخطة إستراتيجية وطنية تبدأ من الأم والأب وتنتهي بقوانين وقرارات صارمة تصدرها وتنفذها الدولة. لكن أن يبقى هؤلاء في وسيلتهم الدعائية الخالصة يكسبون الملايين بلا جهد أو عمل يذكر فهذا شأن لا علاقة لي به، ولكن أن تفرضهم القنوات التلفزيونية علينا هنا لا بد من تذكير هذه القنوات بالفشل الذريع لمقدمي برامج سابقين استقطبتهم ذات القناة قبل سنين ومتابعاتهم المليونية لم تسعفهم بالوقوف الناجح أمام الكاميرا أو تقديم محتوى يجذب المشاهد، فكاميرا السناب تختلف اختلافاً كبيراً عن استديو تلفزيوني، فهؤلاء المشاهير يفتقرون لأساسيات وأبجديات الإعلام واللغة ومهارات الاتصال الجيد، مما انعكس على رداءة البرنامج، فلم تأت الدعايات كما يجب وأوقف البرنامج معلناً الفشل الذريع. أتفهم الحالة التسويقية الشرهة للإعلام التجاري، ولكن أن تتحول القنوات لتسويق مثل هؤلاء المشاهير والذي ثبت فشل من قبلهم، فيعاد تدويرهم مرة أخرى على قنوات نتابعها وقد تخلصنا منهم على أجهزتنا المحمولة فهذا كثير على أعصابنا وقوانا العقلية! عندما يستقطب الإعلام التقليدي بقنواته التلفزيونية مشهورا أو مشهورة لا محتوى جيد لديه على السناب مثلاً، ولا يختلف اثنان على جودة ذلك المحتوى حتى إن كان المتابعون والمتابعات من صغار السن فهم يعرفون جيداً أن كل بضاعة ذلك المشهور نكات سمجة ومقاطع مضحكة، ودعايات بالآلاف مصدرها عدد المتابعين فقط! فما هو المعيار الذي على أساسه استقطبت القناة مذيعة جامدة الملامح لا تجيد الحوار كل ما تقدمه استفزاز الضيوف حتى ترتفع نسب المشاهدة فقط! سأكتب بمثالية وهي صفة معيبة عند هؤلاء المشاهير للأسف! ولكنها الحقيقة الثابتة الوحيدة في عصر التفاهة! دعونا نتخيل ماذا سيكون عليه الحال بعد جيل من الآن إن استمر وضع السوشيال ميديا على ما هو عليه، وتنامي ظاهرة تسويق هؤلاء المشاهير على كل الوسائل الإعلامية! لكم ولكن أن تتخيلوا فقط! * كاتبة سعودية monaalmaliki@