أحيانا يكون البحث عن حل لمشكلة ما، سببا لمشكلة أخرى، وهذا ما يحدث تحديدا للمريض النفسي في مجتمعنا، فغالبيتهم يعيشون داخل متاهة كبيرة، بين الإهمال الأسري من جهة، والخجل الاجتماعي من جهة أخرى، أضف لذلك كم الألم النفسي الذي يتعرض ومعاناته في البحث عن العلاج التي تبدأ من تشخيص المرض وارتفاع أسعار الأطباء النفسيين في العيادات الخاصة، وعدم توافر مواعيد في مستشفيات الصحة النفسية العامة بشكل منتظم، ومرورا بتناول كل أنواع العقار الممكنة كمسكنات، كل ذلك ليكمل حياته بشكل مقبول ولائق أمام الناس، وليس من أجل نفسه. ومن هنا يبدأ ما يعرف بأزمة المرض النفسي، وهي تكمن في آلية العلاج وليس في المرض، حيث يذهب المريض النفسي للعلاج عند طبيب مختص، ولكن لا يوجد لدينا نظام متابعة طبية أو إشراف مختص للحالات النفسية بصورة عامة خلال فترة العلاج أو بعدها وهذا ما جعل من المرض النفسي أزمة مستمرة، وتزيد الأزمة مع وجود من يبيع الوهم في صورة علاج! مثل بعض المسميات الوظيفية المستحدثة التي دخلت في العلاج النفسي بصورة بشعة وغير منظمة، مع قلة الوعي بدور كل من الأخصائي والاستشاري والمعالج النفسي والتعرف على طبيعة عمل كل منهم. وما لا يدركه البعض أن المرض النفسي أسوأ من المرض الجسدي، وفي بعض الحالات قد يكون سببا في بعض الأمراض المستعصية، والبعض يعتقد أن المرض النفسي لا بد أن يكون ظاهرا في صورة جنون عقلي أو أعراض مزمنة ظاهرة أو نوبات من الصراخ والبكاء الهستيري، بل على العكس تماما فقد يكون شخصا طبيعيا ولكن قد يعاني من مرض نفسي، ومن هنا جاء الدور بأهمية التوعية بالصحة النفسية والارتقاء بها، وحتى لا يكون المرض النفسي عذرا لمن لا عذر له، من خلال ما نشاهده من بعض التصرفات الصادمة التي يكون المبرر لها المرض النفسي، دون أدنى مسؤولية ولا مجرد عقاب، وما هي إلا أيام ويصادف اليوم العالمي للصحة النفسية فمن الضروري أن يكون شعارنا نحو صحة نفسية أفضل فعلا وليس قولا.